في خطوة تعكس قدرة الطلاب العرب على التميّز رغم التحديات، أطلق طلاب من تسع بلدات في إسرائيل أقمارًا صناعية إلى الفضاء من قاعدة "فاندنبرغ" في كاليفورنيا، ضمن مشروع تعليمي متقدم. ومن بين هذه البلدات، برزت أربع بلدات عربية – كفر قرع، الطيبة، يركا، وعين ماهل – التي تمكن طلابها من تحقيق إنجاز علمي نوعي في مجال البحث والتكنولوجيا الفضائية، إلى جانب بلدات يهودية مثل هرتسليا، جفعات شموئيل، معاليه أدوميم، شاعر هنيغف، ويروحام.

إنجاز علمي وسط تحديات مجتمعية

جاء هذا النجاح في وقت تعيش فيه البلدات العربية أزمة متفاقمة بسبب تصاعد العنف والجريمة، في ظل غياب حلول جذرية، وانخفاض الاستثمار في التعليم مقارنة بالبلدات اليهودية. إلا أن هذا الواقع لم يمنع الطلاب العرب من تجاوز العقبات وتحقيق إنجازات علمية رغم التحديات الاجتماعية والسياسية.

في كفر قرع، نجح طلاب المدرسة الثانوية في إطلاق القمر الصناعي "القرعاوي" بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل تحت إشراف المعلمين محمد سلمان زحالقة وأمجد سيف، وبدعم من إدارة المدرسة. أما في الطيبة، فقد أطلق الطلاب "الطيباوي 2"، بعد عامين ونصف من البحث والتطوير بإشراف الأساتذة عماد حاج يحيى ود. أحمد جبارة، وبدعم من وزارة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا، ووكالة الفضاء الإسرائيلية.

الفجوة في الاستثمار التعليمي: معطيات مقلقة

رغم هذه الإنجازات، لا تزال الفجوات في الاستثمار التعليمي بين الطلاب العرب واليهود في إسرائيل واضحة. وفقًا لمعطيات حديثة، يحصل الطالب اليهودي في المجتمعات الاقتصادية الضعيفة على تمويل حكومي سنوي يبلغ 43,000 شيكل، مقارنة بـ 24,000 شيكل فقط للطالب العربي في نفس الفئة الاجتماعية. هذه الفجوات تؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم والبنية التحتية في المدارس العربية، مما يحدّ من الفرص المتاحة للطلاب لتطوير مشاريع علمية متقدمة.

وفي المدن المختلطة، تتجلى هذه الفجوات بشكل أكثر وضوحًا. في القدس، يحصل الطالب اليهودي على تمويل أعلى بنسبة 87% مقارنة بالطالب العربي، وفي اللد تصل الفجوة إلى 53%، بينما تبلغ 44% في عكا.

بين العنف والإنجازات: مفترق طرق للمجتمع العربي

بينما تعاني العديد من البلدات العربية من نقص الاستثمارات التعليمية وغياب برامج تطوير تكنولوجية واسعة، فإن هذه النجاحات تثبت أن المشكلة ليست في غياب القدرات أو الطاقات، بل في غياب الدعم المؤسسي والاستثمار في التعليم والابتكار.

في المقابل، في المجتمع اليهودي، حيث تتوفر بيئة تعليمية داعمة وتمويل حكومي موسّع لمجالات البحث والتطوير، برزت بلدات مثل هرتسليا وجفعات شموئيل في تطوير أقمار صناعية ضمن المشروع ذاته، ما يؤكد أن التعليم المتقدّم هو نتيجة سياسات حكومية شاملة تضمن استمراريته.

التعليم هو الطريق نحو التغيير

إطلاق هذه الأقمار الصناعية هو أكثر من مجرد نجاح علمي، بل هو دليل حيّ على أن الاستثمار في العقول الشابة يمكن أن يكون بديلاً لمستقبل يعجّ بالعنف والإهمال. إذا استمرت هذه النجاحات وحظي الطلاب العرب بالدعم المطلوب، فإنهم قادرون على أن يصبحوا روادًا في مجالات التكنولوجيا والابتكار، لا مجرد متلقّين للمعرفة.

هذا المشروع يبعث برسالة واضحة: التعليم هو الحل، والاستثمار فيه هو مفتاح النهوض بالمجتمع العربي. وبينما يحلّق الطلاب العرب في الفضاء، يبقى السؤال: هل ستلتقط الدولة هذه الإشارة وتوفر للجيل القادم فرصًا متكافئة، أم ستبقى الفجوات التعليمية تعرقل الطموحات؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]