لعل المتابع للشأن الإسرائيلي، يمكنه أن يلحظ، وبوضوح، سرعة ومدى التجنح الإسرائيلي نحو اليمين، ومدى نفوذ المستوطنين في إسرائيل. صحيح أن الاستطلاعات في إسرائيل، قبل الانتخابات الأخيرة، أعطت انطباعاً عاماً، بأن الليكود قد يخسر الانتخابات، وصحيح أن الليكود نفسه وعلى رأسه نتنياهو، غذى هذا الانطباع، وعززه في الشارع الإسرائيلي، لكن الصحيح أيضاً، بأن خلق هذا الانطباع، جاء في سياق الحملة الانتخابية الليكودية، التي قامت على قاعدة «الخوف». تخويف الإسرائيليين مما هو قادم، لدفعهم نحو اليمين اكثر فأكثر.
الانتخابات انتهت، وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية، النتائج النهائية وما حملته تلك النتائج، فوز الليكود، وبلغة أخرى، عملية وسياسية، فإن إسرائيل اختارت العنصرية والاحتلال ودللت على أننا تواجه مجتمعا إسرائيليا عنصرياً. مجتمعاً اختار نتنياهو الذي اكد قبل الانتخابات، بأنه سيمنع قيام دولة فلسطينية وبأنه سيواصل الاستيطان.
اختار الإسرائيليون، من يريدونه لقيادتهم وباتت الأمور اكثر وضوحاً وجلاءً مما سبق، ولم يعد هنالك مجال لأية مراهنات، بشأن تغير الموقف الإسرائيلي، ونشوء ظروف جديدة من شأنها الدفع بالأمور باتجاه عودة المفاوضات.
الفلسطينيون من جهتهم، يرون في الانتخابات الإسرائيلية، وما نتج عنها، شأنا إسرائيلياً داخلياً. وما سيتمخض عن تلك الانتخابات، من حكومة، وسياسة ورسم جديد للخارطة السياسية الإسرائيلية، سيشكل، حكمة ما يمكن تسميته «بالمعُطي الموضوعي»، الذي يفرض نفسه، ويشكل حالة سياسية في التعاطي معها. أسابيع قليلة، ونشهد حكومة إسرائيلية جديدة، ستعلن سياساتها وتوجهاتها، وطرائق تعاطيها مع الفلسطينيين وغيرهم، لكن السجل السياسي لليكود ولزعيمه نتنياهو، هو سجل واضح المعالم، وبالتالي علينا كفلسطينيين، أن نتأهب ونستعد لمرحلة قادمة، صعبة وقاسية، سيحاول خلالها العهد الجديد في إسرائيل، شطب الكيانية السياسية الفلسطينية، شطباً يكفل عدم قيام دولة فلسطينية مركزية، وعاصمتها القدس.
علينا أن نتأهب ونستعد لمرحلة قادمة، ستشهد توسعاً في الاستيطان، وتعزيزاً عمليا لفكرة التقسيم الزماني والمكاني في القدس، ولممارسات عنصرية بشعة، ستمارسها الحكومة القادمة. سارعت اللجنة التنفيذية، يوم أمس، لوضع الآليات اللازمة لتنفيذ مقررات المجلس المركزي لـ م.ت.ف، وهذا أمر إيجابي .. لكنه لن يشكل سوى خطوة على طريق طويل.
دبلوماسيا، نجحت م.ت.ف في الساحة الدولية، ولعل المساعد الأكبر لها، كان نتنياهو وسياساته الحمقاء العنصرية، التي ستزداد حدتها في العهد الجديد، علينا ان نستمر في جهودنا الدولية، ونيل المزيد من التأييد الدولي، خاصة في أوروبا.
داخلياً، ان نعيد النظر، بطرائق عملنا، وصولاً لإيجاد أرضية سياسية مشتركة، تضم الجميع الفلسطيني، على مختلف ألوانه .. وفق نقاط عمل مشتركة، وهي متواترة الآن، في ظل العهد الإسرائيلي الجديد!
هنالك تحديات جمة، ستبرز بعد الانتخابات الإسرائيلية، وعلينا ان نكون مستعدين لمواجهتها، ودون أية أوهام، المرحلة القادمة صعبة، بل وشديدة الصعوبة، لسنا وحدنا في الميدان والمواجهة، لذا فالحكمة مطلوبة، كما الشجاعة تماماً. نحن نواجه الآن، مجتمعاً عنصرياً، شبيها تماماً بالمجتمع الابيض في جنوب افريقيا سابقاً. مجتمعا عنصريا عنيفا، لكن يمكن إلحاق الهزيمة به!!.
[email protected]
أضف تعليق