تكتب "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية، ان الجيش الاسرائيلي بدأ نقاشا هادئا حول التخلي عن "طراز جيش الشعب"، والانتقال تدريجيا، من التجنيد الالزامي الى الجيش المهني الذي يقوم على المتطوعين بالأجرة. وقد نشر عاموس هرئيل، امس، عن وثيقة لمركز علوم سلوكيات الجيش، والتي فحصت خطوات الانتقال الى جيش مهني في دول الغرب، ونوقشت خلال مؤتمرات لقسم القوى البشرية في القيادة العامة.
وحسب الخبر فان الجيش الاسرائيلي لا ينوي التحول الى جيش مهني، لكن الموضوع يلقى اهتماما واضحا من قبل كبار المسؤولين فيه. لقد بلور دافيد بن غوريون طراز الخدمة الحالي في الجيش، كأداة لتحقيق رؤيته القومية. وشرح بن غوريون، اول رئيس للحكومة واول وزير للأمن، رؤيته تلك عندما طرح قانون الخدمة الأمنية في الكنيست في عام 1949، حيث قال: "ان امننا سيتحقق فقط اذا أجاد الشعب كله كيف يدافع عن نفسه وعن حريته وعن دولته، وعلينا الاهتمام بأن يعرف كل رجل وامرأة في اسرائيل كيف يحمل السلاح ويصمد في المعركة". واوضح قائلا: "غالبية شعبنا لا يزال من ناحية يهودية، مجرد غبار بشري، ويمكن للجيش فقط ان يشكل عاملا موحدا في بلورة الصورة الجديدة للشعب".
المجتمع الاسرائيلي يمر اليوم في عملية تغيير ديموغرافي حثيثة، تفرغ شعار "جيش الشعب" من مضمونه: نصف طلاب الصف الأول هم اولاد عرب ومتدينين سيعفون من الخدمة عندما يبلغون سن الثامنة عشر، وبالإضافة الى الفتيات المتدينات فان الفتية المتدينين القوميين الذين يدرسون في المدارس الدينية المشمولة في الاتفاق، سيؤدون الخدمة لفترة قصيرة، وخلال العقد المقبل ستكون هناك نسبة قليلة من الفتية الذين ستفرض عليهم الخدمة الالزامية.
كما ان الجيش بدأ منذ فترة طويلة بتفعيل الخدمة العسكرية السالبة في الجيش الاحتياطي، لأسباب مالية، ناهيك عن ان التبذير المالي المروع على الجيش يثير احتجاجا جماهيريا ومطلبا بتحويل الموارد من الجيش الى الرفاه.
حسب الاستعراض الذي تم تقديمه الى قادة قسم القوى البشرية، فان الانتقال من الخدمة الالزامية الى الجيش المهني في كثير من الدول يتم بالتدريج، وإسرائيل تمر اليوم في عملية مشابهة، وعلى الجيش الاستعداد لها، على سبيل المثال، من خلال تطوير مسارات الخدمة المدنية، او تقليص فترة الخدمة الالزامية بشكل كبير، وتوسيع الجيش الدائم. ان مشاعر التهديد الأمني التي ينميها قادة الدولة بشكل دائم، تساهم حتى الآن في محفزات التجنيد، إلا أن طراز الخدمة الحالي يقلصها.
يمنع حصر النقاش حول مستقبل الجيش على المنتديات العسكرية المغلقة. فمركزية الجيش في اسرائيل تحتم اجراء نقاش عام حول طراز الخدمة وملاءمته للتحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الحالية. من اللطيف التمسك بشعارات ايام بن غوريون، لكنها لا تشكل بديلا لنهج جديد.
[email protected]
أضف تعليق