يحلّ علينا عيد الأضحى هذا العام، والمشهد مثقل بالدموع والفقدان. في غزة، العائلات لا تجد ما تأكله، والمجازر لم تتوقف. مئات الآلاف بلا مأوى، وآلاف الأطفال يُدفنون تحت الركام أو يُولدون وسط المجاعة. وفي الداخل الفلسطيني، لا يمرّ يوم بلا جريمة قتل، والمجتمع يزداد تمزقًا وخوفًا من نفسه.
نقف اليوم، نحن في طاقم "بكرا"، الذين كسائر الصحافيين، نواكب هذه الاحداث بمرارتها يوميًا، نقف أمام هذا الواقع الحارق ونتساءل معكم: كيف نحتفل في وقت تنهار فيه حياة شعب بأكمله؟ كيف نلبس الجديد وأمهات غزة يبحثن عن بقايا ماء وغذاء؟ كيف نوزّع المعايدات، وأهلنا في الداخل يشيّعون كل أسبوع ضحية جديدة للعنف والجريمة؟
العيد، في جوهره، ليس فقط طقسًا دينيًا. هو لحظة للرحمة، للصفح، للمشاركة، للتكافل. ولذلك، لا يمكن أن نمرّ عليه بصمت، ولا أن نكتفي برسائل الفرح المعلّبة.
نرفع صوتنا اليوم مع كل من تعب من العنف والموت والدمار، ونقول بوضوح:
نريد وقف الحرب.
نريد حماية المدنيين في غزة.
نريد أن يعود السلام إلى كل بيت فقد أبناءه.
نريد إنهاء العنف المستشري في مجتمعنا.
نريد صحوة داخلية، حقيقية، تقودها مؤسساتنا، قياداتنا، وناسنا.
لم يعد مقبولًا أن يعيش مجتمعنا في الداخل رهينة للخوف والجريمة. لم يعد مقبولًا أن نعتاد على دفن الشباب، أو على أن تسير الشرطة في جنازاتنا بدل أن تمنع وقوعها.
عيد الأضحى يذكّرنا بقيمة الفداء من أجل حياة الآخرين. فلنجعل من هذا العيد بداية لفداء حقيقي: فداء من الصمت، من اللامبالاة، من التطبيع مع العنف، من التراجع عن المسؤولية الجماعية.
رسالتنا ليست تطرفًا ضد أحد. ليست عداءً لأحد. نحن نؤمن أن التضامن والسلام هما القوة الوحيدة التي يمكن أن تعيد للإنسان كرامته، أينما كان. نؤمن بحقوق الإنسان، لكل إنسان. نؤمن أن إنهاء الحرب، والتجويع، والقتل، هو واجب أخلاقي، وليس موقفًا سياسيًا.
في هذا العيد، نمدّ أيدينا لأهلنا في غزة، نضمّهم من بعيد، وننحني أمام صمودهم.
وفي ذات الوقت، نوجّه نداءً عميقًا لأهلنا في الداخل: آن الأوان لصحوة. آن الأوان لحياة تستحق أن تُعاش.
عيدكم رحمة.
عيدكم سلام.
عيدكم كرامة.
عيد أضحى مبارك
عن طاقم تحرير "بـُكرا"
[email protected]
أضف تعليق