كتب: د. رائف حسين
اصبحت كلمة عربي هي الكنية او المصطلح الاكثر استعمالا، عربياً وفلسطينياً وعالمياً، بالحياة اليوميةوالسياسية والعلميه، للتعبير عن كل ما له صلة بالفلسطينيين الذين بقوا في ارضهم واصبحوا، رغماً عنهموبحكم الواقع الجديد، مواطنون اسرائيليون.
للوهلة الاولى وبنظرة سريعة على هذا الجانب لن يستطيع المراقب، قريب كان ام بعيد، ان يرى عيب او نقصفي كلمة عربي … على العكس فهي تدل، كما يراها اهل البلد الاصليون، على انتماء قومي وتمسك بالهويةالقومية كمحاولة لمواجهة استراتيجيات التذويب والاحتواء التي ترسمها النخب الصهيونية لهم.
رغم هذا كله ورغم قناعتي باهمية الهوية القومية والتشبث بها الا انني ومن منطلق وطني علمي يسارياعتبر ان هذا المصطلح واستعماله في سياقه دعماً قوياً، ولو عن غير وعي وادراك، للفكر والايديولوجياالصهيونيين وبه قسط كبير من انكار الذات الفلسطينية وبمحصلة الامر فان استعمال كلمة عربي للتعريفبالفلسطيني فقط يحتوي في طياته تصور عنصري بامتياز… تصور تستفيد منه الصهيونية ويخسر منجراءه الفلسطيني ولا يربح العربي شيء منه.
دعونا نمحص وندقق بهذا الديالكتيك المركب والمهم كمحاولة لمواجهة الصهيونية الجديدة، النتانياهوية،التي تعبر بشكل صارخ عن وجهها وقناعاتها الفاشية العنصرية تجاه اهل البلد الاصليين وتجاه كل من هوعربي بحسب تعريفها وتقسيماتها العنصرية المبنية على مبدأ " النقاوة العرقية".
الصهيونية التقليدية اتت بمشروعها الكولونيالي الى فلسطين بشعار " ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" وباشرت بتنفيذ استعمارها بالتطهير العرقي وبناء " اليهودي الجديد" .
سنين قبل بداية المشروع الصهيوني الكولونيالي بدأ ايدلوجيون ومفكرون يهود في اوروبا بالتخطيطووضع استرتيجيه تكوين وتركيب " الشعب اليهودي" كم يظهر البروفسور الاسرائيلي موشي زاند في كتابة" بدعة الشعب اليهودي".
ترتكز هذه الاستراتيجية على قواعد انثروبولوجية واثنولوجيه مفبركة تتدعي بان الديانة اليهوديه ليستفقط ديانة سماوية بل هي ايضا بنية عرقيه… مع بداية المشروع الكولونيالي في فلسطين بدأت الصهيونيةالتقليدية بترجمة هذه الاستراتيجية ببناء اليهودي الجديد.
وفقاً لهذا المخطط كان على كل مستوطن يهودي جديد في فلسطين ان ينسى من اين انحدر عرقياً ويبدأبتعريف نفسه بيهودي واسرائيلي وعليه، في اغلب الاحيان، ان يغير اسمه الاصلي ويستعمل في "وطنهالجديد" اسم يهودي. هذا كان ايضاً حال الاكثرية الساحقة من العرب اليهود الذين اتوا للاستيطان فيفلسطين. هؤلاء ونسلهم الذين اصبحوا الان الاكثريه في اسرائيل هم عرقيا عرب وديانتهم يهوديه… اختزالتعريف العربي فقط بالفلسطيني في اسرائيل هو بمثابة اقصاء هؤلاء من الامة العربيه وانكار جذورهمالعرقية …كما وان هذا الطرح يقول بشكل مباشر بان العربي هو فقط المسلم او المسيحي. هذا طرح عنصريبامتياز ودعم مباشر لادعاءات الصهيونيه بوجود "عرق يهودي" وان اسرائيل التي اقيمت على قبورالشعب الفلسطيني هي وطن هذا " الشعب" الذي لا وطن له.
انكار وجود الشعب الفلسطيني كان احدى اهم استراتيجيات الصهيونية التقليدية. بدأ هذا الطرح الفاشي،بمحاولة محي شعب عن الوجود، بطرح معادلة " ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" وكرره وثبته قادةصهيونيون كثار من غولدا مائير الى شامير ورابين وشارون ونتانياهو في محافل دولية ولقاءات صحفيهكان اخرها نتانياهو في لقاء مع صحيفه نمساويه في فينا بداية تسعينات القرن الماضي… وكرر نتانياهوالمقولة الكاذبه بان الاكثريه من العرب في اسرائيل، ويقصد به حصراً اهل البلد الاصليين، اتوا من الدولالمجاوره للعمل عندما بدأ القادمون الصهاينه في بناء الارض والكيان الجديدين. الفاشية الصهيونيةالجديدة وقياداتها من بن غفير وسمورتيتش يسيرون على ذات المنوال .
الهوية الفلسطينية كانت منذ بداية الهجمة الكولونيالية الصهيونيه هي المستهدفه من قبل المشروعالكولونيالي الصهيوني. طمس وتذويب هوية اهل البلد الاصليين ، الفلسطينيون، كان وما زال هدفالصهيونية المركزي الاول. منذ البدايات عملت الصهيونية ومؤسساتها بمنهجية مدروسه لطمس الهويةالفلسطينية وحاربت ولاحقت كل شخص او حراك حاول ان يدعم التمسك بها بالداخل الفلسطيني… وكانتاحيانا اشارات بسيطة كاستعمال الوان العلم الفلسطيني او الغناء الفلسطيني والكوفية الفلسطينية كافيهلزج شخصيات بالسجون وملاحقتهم قانونياً. الهوية القومية العربيه لم تكن يوما بخطر … الصهيونيةسمحت باستعمال اللغة العربيه وتعلمها بالمدارس، ولو بمراقبة مشددة، وبتوجيه ايدلوجي مدروس باعلاممكتوب ومسموع ومرئي باللغة العربيه ناهيك عن ممارسة شبه حرة للديانة الاسلامية والمسيحية وغيبتالتاريخ الفلسطيني كاملاً عن المناهج الدراسيه واجبرت من تبقى بتعلم تاريخ اليهود المؤدلج فقط… الهويةالوطنية الفلسطينية هي التي تعرضت للخطر وما زالت حتى يومنا هذا. مصطلح عربي، الذي اصبحيعتمد رسمياً في اسرائيل منذ عشرات السنين، للتعريف باهل البلد الاصليين ، الفلسطينيين، يصب فيطاحونة الصهيونية لطمس الهوية الوطنية الفلسطينية.
هذا الطرح به انكار كبير للذات الفلسطينيه والتمسك بمصطلحات مثل؛
البلدات العربيه، المجتمع العربي، النواب العرب، الطلاب العرب، الجمعيات العربيه … الخ. للتعريف باهلالبلد الاصليون، رغم ان الصهيونيه التقليديه وقعت في خطأ استراتيجي بعد اتفاقيات اوسلو وسمحتللفلسطيني الداخل، دون قرار رسمي، بالاجهار بمكونات الهويه الفلسطينيه، اعتبره انكار مدمر للذات.
ان الاوان، خصوصاً بعد التغير الجذري، المجتمعي والايدلوجي، الذي حصل في اسرائيل، ان تعود الاقليةالفلسطينية بكل مركباتها الى التسميه الصحيحه؛ الاقلية الفلسطينيه كخطوة مركزيه في الصراع مع نظامالابارتايد الذي تجسده الصهيونيه الجديدة، النتانياهوية.
[email protected]
أضف تعليق