من فيض العنف بمجتمعنا تصرخ الكلمات. حالُنا بات يخنق الأنفاس, فمُلخص كل يوم يعج بكلمات: قتل، رصاص، إحراق سيارة، طعن، حادث سير ، تحرُش، إختفاء...
أحداث مؤلمة جدًا يجب ان نتوقف عندها وأن نبدأ بالدائرة الصغيرة: التي تشمل العائلة والاهل الذين قد فقدوا سُلطتهم الأبوية، فالابحاث تؤكد أن المرجع الاساسي للابناء بجيل المراهقة هو؛ مجموعة الاصدقاء، والمواقع الالكترونية وليس الاهل.
فهي رسالة للآباء والأُمهات، ايها الأب/ ألأُم:
لا تقل إبني صغير لا يفهم هذه الامور وتلك، لا تقل إبني مراهق يرفضُ ألقُرب، ولا تقل إبني كبير لم يعد بحاجتي. كن على يقين بأنه بحاجتك بكل حين وبكل جيل.
لطالما شعرتُ خلال عملي مع أبناء وأهالي، بأن هناك فجوة بين جيل الأبناء والآباء في شتى ألمجالات، هناك خلل في التواصل بينهم. ولمستُ حاجة الأبناء لدعم ذويهم بالرغم من إدعائهم انهم باتوا كبارا وأصحاب قرار.
من المؤكد أن تجسير هذه الهوّة من شأنها المساهمة في إصلاح حال أمتنا. لهذا، أدعو الاهل: تقرّبوا من أولادكم، حاوروهم، إصغوا لحكاياتهم، امنحوهم مساحة وضعوا حدودها سوية.
وتأكد أيها ألأب / ألأُم إن لم يجد لديك إبنك/ إبنتك ما يروي عطشهُ من الدفء والإحتواء، سوف يجده بمكان وشخص آخر، غالبا سيكون "الآخر" ذئبا بزيّ غزال.
من ألمهم جدًا ان نعي بأن قرارات وتصرفات الاولاد والبنات في جيل المراهقة يغلبها ألمشاعر لا ألعقلانية. كما وأن تجربتهم القليلة في الحياة تجعلهم لا يرون الجانب الحقيقي والواقعي بمعظم الأمور. هم بحاجة لذويهم ولتوجيههم بالرغم من الإدعاء أنهم يريدون الاستقلال.
وبعض الأمثلة من حياتنا اليومية تؤكد رؤيتهم المغلوطة:
عندما يرى ألولد/ ألبنت، شابًا بالكاد حصل على رخصة سياقة ويملكُ سياره فارهة، أو يرونه يعيشُ حياة ترف يقولون "ليتني مكانه". فهُم غالبا لن يهمهم اي طريق سلكوا.
عندما يرون مُراهقًا يحمل سلاحًا يقولون انه: " قوي ولا يرى احد أمامهُ". وبعضهم سوف لن يفكر بعواقب الأمور للمدى البعيد.
عندما يرون فيديوهات خالية المضمون تحصد ملايين المشاهدات، وفيديوهات قيّمة بالكاد تُرى. ستتغير نظرتهم للأمور وسيقولون: " هذه هي طريق الشُهرة" وستتجذر ثقافة الخواء.
عندما يرون شبيبة على أرصفة ألشوارع لساعات متأخرة سيقولون هذه هي ألحُرية. ومفهوم ألحرية سيكون مُشوش بالنسبة لهم.
عندما يُهمَّش المُعلم ويستهزئون برسالته، لن يكون العلمُ والتعليم والارتقاء بسلم أولوياتهم.
عندما يحصلون على ألمعلومات من الإنترنت، سيظنون أنها صحيحة وسيعملون بها، لانهم غالبا لا يملكون مرجعا موثوقا به كالاهل.
العالَمُ يأخذ مسارا يختلف عما كان، مسار يملؤه ألمظاهر، ألخواء والأخطاء.. عالم بلا مرجع حقيقي واقعي..
هذا واقعنا فما ألعمل؟
ان نتقرّب من أبنائنا، أن نروي ظمأهم العاطفي واحتياجهم لقربنا وذلك بأن نصغي، نتحاور وأن نوصل الصورة الحقيقية الغير مشوهّة، نحكي تجاربنا، أن نكون المرجع، أن نحتوي، وأن نتشارك بالآراء وأن نسمع افكارهم، مشاعرهم، معتقداتهم.
والاهم بأن نوصل إليهم الرسالة بأن بئس المصير سيكون خاتمة الطُرق غير المشروعة.
علينا ان لا ننتظر حدوث كارثة من أجل إعطائهم النصائح التي لن تُسمع حينها.
بل أن يكون الحوار، النقاش نهج حياة أن نشاركهم فرحهم وحزنهم، ان نعطيهم المحبة والأمان، لكي نكون ألمرجع لهم في كل الأوقات.
[email protected]
أضف تعليق