بقلم البروفيسور إبراهيم أبو جابر - نائب رئيس حزب الوفاء والإصلاح
انقضت أكثر من سبعين عامًا على نكبة الشعب الفلسطيني، عانى خلالها هذا الشعب شظف العيش، وطورد، وقُتّل، ورُحّل من قُطر إلى آخر، وحيكت ضدّه مؤامرات شتّى، تارة لتوطينه في دول الجوار، وأخرى لتصفية قضيته ، إلا أنه ما انفك يرفع لواء العودة ،متمسكًا بثوابته الوطنية والدينية وحقوقه المشروعة.
صحيح أنّ النكبة تُعدّ ضربة شبه قاتلة في خاصرة الشعب الفلسطيني، أخّرت تحقيق حلم مشروعه الوطني، واستقلاله كباقي شعوب الأرض ،إلا أنّ شرعية حقّه في وطنه كانت وستبقى أقوى من أي احتلال أو قوة، مهما تناغم مع المحتل من قوى الظلم والهيمنة والبطش، ممن امتهنوا نهب موارد وخيرات وثروات الشعوب المستضعفة في العالم.
تمرّ القضية الفلسطينية بعد أكثر من سبعة عقود على النكبة بمرحلة جديدة من تاريخها، يصفها البعض بالنكبة الثانية، تتمثّل في خطة صهيوأمريكية- عربية لتصفيتها من خلال ما سُمّي بصفقة القرن المشؤومة، الرامية إلى ضمّ أراضي الضفة الغربية المحتلة، أي ما نسبته 22% من أرض فلسطين للسيادة الإسرائيلية، وسريان القانون المدني الاسرائيلي عليها، وبمراحل، تبدأ بضم 800 كم مربع منها للاحتلال الإسرائيلي.
هذه الخطة المشؤومة التي خُطّط لها في تل أبيب وعواصم دول إقليمية وواشنطن، ستفشل كسابقاتها بإرادة الشعب الفلسطيني ورفضه المستمر بالتنازل عن حقه الثابت في العودة والعيش على ثرى أرضه ووطنه.
إن ما يؤرّق الفلسطينيين اليوم ليس ممارسات الاحتلال التعسفيّة ضد الأرض والإنسان الفلسطيني والجغرافيا الفلسطينية فقط ،
وإنما أيضًا مواقف بعض الأنظمة العربية التي أخذت تهرول نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي جهارًا نهارًا، لا بل شرعت في السماح لبعض رعاعها بالتعرّض للفلسطينيين بالقذف والتجريح عبر مسرحيات تطبيعية ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ،لا بل أيضًا التحريض على الفلسطينيين وعلى قضيتهم، والتنكّر للحق الفلسطيني في هذه الأرض والاعتراف للآخر به.
لقد تحدّى الشعب الفلسطيني بكل أطيافه محنًا كثيرة عاتية سبقت، وهو قادر أيضا على إفشال ما جدّ منها من صفقة قرن جائرة، وحملات تلميع لهذه الصفقة ما تنكرها شريعتنا و قيمنا وكل ضمير حر ، لا بل لا يمثلون شعوبهم وإنما أنفسهم وعائلاتهم المتسلّطة على رقاب الشعوب، وهذا ما بان من حملات الاعتقالات والاعدامات للشرفاء والعلماء والمفكرين من مواطني هذه الدول ،غير آبهين بمبادئ حقوق إنسان ولا حريات فردية.
إنّ فلسطين بجغرافيتها وتاريخها وقضيتها ، وروايتها وشعبها، ستبقى حاضرة في وجدان كل حر وغيور وشريف ،وفي المحافل الدولية رغم كل محاولات التصفية والتهويد والتنّكر من البعيد والقريب، لأنها قضية شعب عادلة شُرّد من أرضه بشهادة أمم وشعوب الأرض والمؤسسات الدولية والتاريخ.
ولهذا فلا بدّ وأن يأتي ذلك اليوم الذي يستعيد فيه هذا الشعب المغدور حقوقه الشرعية في وطنه .
إنّ المطلوب لتحقيق هذا المشروع هو الصمود والتمسّك بالثوابت الفلسطينية، والوحدة الوطنية بين مختلف مركّبات شعبنا ومجتمعنا ،عندها سيعلو صوت مجتمعنا وشعبنا فوق كل النّعرات ومشاريع الأسرلة والاندماج التي غدت تغزو مجتمعنا، والخطاب الهجين لبعض من قادة الجمهور العربي في البلاد. فقط عندها سنصبح ورقة صعبة ورقما صعبا عند الآخرين وفي حساباتهم.
[email protected]
أضف تعليق