كتبت سامية عرموش - محاميد


شاهدت مؤخرا الفيلم الذي يكتسح دور العرض في البلاد "بر بحر" لمخرجته ميسلون حمود , في سينماتك حيفا, وكدت مغادرة القاعة بعد الدقائق العشر الأولى من مشهد اللقاء الأول الذي جمع شريكات الشقة الثلاث وسط شعور بالنفور والبرود وعدم الراحة.

شعرت بعدم راحة وبرغبة جامحة بالصراخ, عدلت جلوسي في المقعد, اغمضت عيناي تنفست عميقا وقلت لنفسي, هذا مجرد فيلم, تذكري بان رسالة ما تختبئ بين طياته, وتابعت المشاهدة.

"بر بحر" ليس فيلما سينمائيا للترفيه , انه صرخة , صفعة, وجبة دسمة جدا لسلبيات المجتمع العربي المحلي مقدمة بقالب فني جريء الى حد تشويش الحدود والإساءة!

"بر بحر" فيلم انتقائي, يعكس جزءا من الواقع , وليس الواقع بأكمله , فيه تمرد على كل شيء , فيه كسر للقوالب, فيه رغبة جامحة بتغيير الواقع النسائي والمجتمعي ولكن طريقة طرحه للشوائب الموجودة تجعلك تشعر بالارتياب, وكأنك تفتح عينيك على واقع غريب عنك!

فور مغادرتي للقاعة نظرت الى زوجي وقلت:" حاسة بدي انخنق, ومع ذلك بدي أحاول اقرأ النص السينمائي بعقلانية وموضوعية, وكتبت على صفحتي الفيسبوكية ما يلي :

طلعت اسا من فيلم "#بر_بحر"...

بدي ابلش بالنقاط الايجابية:

اداء الثلاثي: ليلى ، نور وسلمى أكثر من رائع.
اللغة السينمائية ثرية.
النقاط الأخرى بموضوعية تامة:

الفيلم صادم جدا.
2.اسلوب الإخراج متأثر حسب رأيي من أسلوب المخرجة المصرية #ايناس_الدغيدي.

استعراض النماذج المختلفة بشكل مبالغ جاء ليسلط الضوء عليها، وإخراجها من القفص الاجتماعي.
4.بعض المشاهد صعبة الهضم.

5.مشهد الاغتصاب رغم قسوته موظف فنيا.

لا انصح من هم دون السن المناسب بمشاهدته.
المشاهد المحلي غير جاهز لمواجهة هذا النوع من الافلام.
8.خلاصة الفيلم المؤلمة، بأن المرأة رغم حريتها تبقى أسيرة العادات والطابوهات الاجتماعية، وهي ليست حرة كما تظن!!

وبعد يوم من هضم بعض المشاهد كتبت ما يلي : بموضوعية تامة ورغم قساوة المشهد ووحشيته :

*مشهد #اغتصاب نور في فيلم #بر_بحر من قبل خطيبها "المتدين" له أبعاد اجتماعية وسياسية بدون أدنى شك، اذ يجسد المشهد اغتصاب حرية النساء من قبل من يدعون التدين والحفاظ على القيم الدينية.

* هبة ليلى وسلمى لمساعدة نور بعد اغتصابها تدل على اهمية وحدة الشبكة النسائية، خدمة للنساء.

* احتواء نور من قبل والدها بعد فسخ خطوبتها يدل على اهمية تعزيز الروابط الاسرية والاحتضان والدعم العائلي الذي يعتبر ركيزة مهمة للنهوض بمجتمع متقدم.

ومع ذلك اعيد واكرر ، مشاهدة الفيلم غير مناسبة لمن هم دون ال18 عاما.



اهدف من خلال اطلاع القراء على تدويناتي حول الفيلم , بان اشير الى المعايشة والتجربة العاطفية والفكرية التي يمر بها المشاهد , حتى يتمكن من استخلاص بعض العبر والرسائل.

ومن هذا المكان أقول بان المشاهد العربي المحلي غير جاهز الى مثل هذه الجرعات , ولا غرابة بنفور واستنفار البعض منه ومطالبة البعض برفعه من دور العرض.

الفيلم مادة جيدة جدا لرفع قضايا ملحة على الجدول اليومي, مناقشتها, محاربتها, المحاربة من اجلها, ولكنه عالج تلك القضايا بشكل عدائي, قد تكون نتائجها ترسيخ النمطية وتذويتها تجاه القضايا المطروحة, وليس هذا ما تهدف اليه المخرجة حسب رأيي, ومن هنا اخشى بان الجرعة الزائدة قد تميت الرسالة المرجوة! لذا علينا جميعا مشاهدين ومنتجين التفكر واعادة الحسابات, نحن نعيد حساباتنا مع انفسنا ومحيطنا ومن انتج الفيلم عليه التعمق بالوسيلة التي قد لا تدرك الغاية!







* الكاتبة هي الناطقة بلسان بلدية حيفا للاعلام العربي, باحثة سينمائية, وناشطة اجتماعية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]