كان سن قانون أساس في الكنيست في الدورة السابقة يعرف إسرائيل بأنها "دولة الشعب اليهودي" يبشر بأننا نواجه صهيونية جديدة غير مقنعة بغطاء "ديمقراطي"" ليبرالي" تعزز الطابع اليهودي لدولة تقضم باستمرار حقوق الشعب الاصلاني واستحقاقات المواطنة الحرة المتساوية . عوامل كثيرة مثل انتصار اليمين في انتخابات الكنيست الاخيرة وتشكيل حكومة يمين استيطاني وعوامل عديدة لست في صدد ذكرها جميعا تؤكد أن قابلية إسرائيل لتنفيذ نكبة ثانية بالفلسطينيين عالية وفعلية.
إن تهجير أم الحيران واقامة مستوطنة مكانها لهو مكمل طبيعي لسياسات اسرائيل الرامية لمحاصرة الوجود العربي تطبيقا لسياسة أكثر ما يمكن من العرب على أقل رقعة من الارض. سأحاول في هذه المساحة المكتوبة التطرق الى كيف نستطيع التأسيس لمشروع وقائي يحمي الفلسطينيين وأم الحيران تحديدا من نكبة ثانية.
أولا، قيادة موحد وواحدة ضد التهجير دون بهلوانية وصبيانية، تشكيل جسم واحد يقف على رأسه أهالي أم الحيران على شاكلة ائتلاف واسع ضد التهجير لأم الحيران هي الضمان الاكبر لنجاح العمل ضد التهجير. الاهالي في ام الحيران يعولون كثيرا على تضافر الجهود ووحدوية النضال لدعمهم. والدعم الذي يتوقعه أهالي أم الحيران لا يتحقق الا بوحدة نضالية في الداخل خلف برنامج عمل هدفه وقف تهجير أم الحيران.
ثانيا، المبادءة بحملات احتجاج شاملة وجدية تشمل اغلاق مفترقات طرق رئيسية وخيم اعتصام أمام السلطات الحكومية. على الهيئات القيادية وأهالي أم الحيران المضي قدما وتجنيد كل المجتمع العربي واصدقائه اليهود التقدميين ومفاجئة صناع القرار الاسرائيلي بحجم التضامن وكمية الاستعداد لتضحية للذوذ عن ام الحيران وهذا أمر مشروع في حالة صراع بين دولة معتدية ظالمة وأقلية قومية تسعى للدفاع عن حريتها ومصيرها وأرضها ومواطنتها.
ثالثا، تدويل القضية، حالا يجب ان تتكاتب مؤسسات المجتمع المدني ولجنة المتابعة والقائمة المشتركة مع الهيئات والمؤسسات والسفارات الدولية وتنظم مظاهرات نحمل فيها المجتمع الدولي مسؤولية أم الحيران اذا انتكبت. علينا الوصول إلى حالة من التضامن العيني العالمي مع قضية ام الحيران حتى نحقق انجازا عينيا بوقف تهجيرها. اذ ان الحراك الدولي المنظم يدفع بالمجتمع الدولي باخذ مسؤولية على مستقبل أهالينا في ام الحيران وعدم التواطئ مع اسرائيل ومخططاتها المبيتة.
رابعا، تجنيد الاعلام. صياغة وتشكيل الرأي العام في المجتمعات من الأدوار الرئيسة التي تقوم بها وسائل الإعلام، ويتضاعف ذلك مع التطورات النوعية المتزايدة في مجالات تقنية الاتصالات، والتي منحت وسائل الإعلام إمكانيات وقدرات هائلة في التأثير على الآخرين، الأمر الذي جعل من وسائل الإعلام عاملاً رئيساً من العوامل المؤثرة على الرأي العام؛ إن لم يكن أهم تلك العوامل. من هنا على قيادة العمل ضد تهجير ام الحيران اقناع الاعلام بأخذ دوره الوطني بتسخير كل أمكانياته باتحاه دعم قضية أم الحيران وتبرير اسباب ودوافع عدالة قضيتها. على قيادة الاحتجاجات تجديد وتصعيد وتنشيط الخطاب الإعلامي بما له من مفعول وحيوية في إشاعة مفاهيم وأسس النضال السليمة والاستعداد لتضحية وإيقاظ الحس الوطني المغيب عند بعض المواطنين المتكلين على الغير أو المصابين بالخيبة من قلة التأثير.
خامسا، الحراك الشبابي. كان إسقاط مخطط برافر أو تجميده للدقة أحد أهم إنجازات شعبنا . هذا وكان الحراك الشبابي أحد العوامل الرئيسية لارتفاع وتيرة الحراك الشعبي في الداخل الفلسطيني واتساع دائرة المقاومة المناهضة للتهجير والتشريد، وبناء الإجماع الوطني لفلسطينيي 48 على عدم المساومة أو التفريط في أرض النقب، حتى تراجعت الحكومة الإسرائيلية عن طرح قانون "برافر/بيغين" وسحبته قبل التصويت عليه في القراءتين الثانية والثالثة. واعترف الوزير السابق بيني بيغين الذي كلفته الحكومة الإسرائيلية بمتابعة تطبيق مخطط "إسكان البدو في النقب"، بعدم إمكانية تطبيق القانون بسبب المعارضة الشديدة التي يبديها السكان البدو الذين لم يُطلعوا على جوهر القانون، وبسبب أربعة مواجهات حاسمه للحراك الشبابي والاحزاب السياسية في الجليل والمثلث والنقب، أدت إلى تجميد القانون الاقتلاعي. من هنا ، على القيادة اعطاء الشباب وزنا ودورا اكبر في القرارات المتصدية لتهجير أم الحيران.
خلاصة القول تهجير أم الحيران سيدفع الناس واسرائيل للاستنتاج بأن "أُكِلْتُم يوم اُكِلَ الثور الابيض" وسيكون بعدها تهجير النقب تحصيل حاصل. المهمة الصعبة وعلى القيادة والجماهير أن ترتقي بادائها وتطوره ليكون على قدر التحديات. ما زالت فعاليات التضامن والالتحام مع اهالي أم الحيران في بداياتها والاهل هناك بتوقعون منا نضال جماهيري شعبي يرتقي للمستوى المطلوب. لا يملك المقال كل الإجابات ، إلا انه دعوة مفتوحة للبحث عن دور اكثر فعالية ومساندة لصد نكبة أم الحيران.
[email protected]
أضف تعليق