يكتب ديميتري شوماسكي، في "هآرتس" انه في المجال الضيق وغير المرئي للخريطة السياسية الإسرائيلية، ذات الكثافة المنخفضة لرجال اليسار، تتزايد مؤخرا الأصوات المنتقدة للقائمة العربية المشتركة. فاليهود والعرب على حد سواء، يشيرون إلى قضيتين رئيسيتين لا ينظرون اليها بمنظور جيد. الأولى، التأثير الواضح للمركب الاسلامي في القائمة، والذي ينعكس، مثلا، في احتجاج اعضائها على نية شبكة "ستيماتسكي" تسويق مجلة "شارلي هبدو" التي نشرت الرسوم المسيئة للنبي محمد، او وجود اشخاص متعددي الزوجات في القائمة. ولذلك يعتقد الناقدون والناقدات ان التصويت للمشتركة يعني دعم وجهات نظر دينية متزمتة، تعارض حرية التعبير وتشجع اضطهاد النساء.

أما الادعاء الثاني فهو ان حقيقة انضمام الاحزاب العربية الى قائمة واحدة، على أساس قومي، تدل على تعزيز المعيار القومي الانعزالي في السياسة الفلسطينية في اسرائيل، كند لنمو القومية اليهودية، وكمرآة لها. من هنا فان التصويت للمشتركة يعني تدعيم توجهات الاستقطاب القومي الداخلي في المجتمع الاسرائيلي.

وقد اجادت التعبير عن هذا الانتقاد المزدوج، اسماء اغبارية زحالقة التي ادعت ان القائمة المشتركة ترسخ التخلف والعوامل الدينية وتعكس القبلية والعرقية والتعصب والطائفية (هآرتس 3.3). لكن هذا الانتقاد يعاني من تنكر لمؤثرات طويلة المدى يمكنها ان تعزز القوة السياسية للقائمة المشتركة في المجتمع الفلسطيني داخل اسرائيل.

لا شك أن للاسلام تأثيره الكبير على المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، وان أي ارتباط بين الدين والسياسة لا يبشر بالخير، لا لحرية التعبير ولا للنساء. ولكن، طريق اضعاف التأثير الديني تكمن بالذات في تعزيز قوة القائمة المشتركة، لأن هدفها السياسي – المدني، هو تغيير صورة إسرائيل من دولة اثنية يهودية – تقوم على التعزيز المباشر لقوة الدين في اوساط اليهود وتعزيزها بشكل غير مباشر في الوسط العربي – الى دولة ديموقراطية مدنية، تلغي التأثير السياسي للدين. وربما – يا ليت - الى فصل الدين عن الدولة.

ربما يكون الناطقون بلسان الجهات الأكثر تدينا في المجتمع العربي في إسرائيل، الذين يتواجدون في القائمة المشتركة، قد تحالفوا – عن سابق معرفة ام لا – في نضال سيكون من بين نتائج انتصاره، تعميق العلمانية في المجتمع العربي.

واما بالنسبة للانتقاد الثاني الذي يرى في القائمة المشتركة قوة قومية تعادل المعيار القومي لليمين الاسرائيلي، فانه يتجاهل جوهر النضال المدني الذي تخوض القائمة المشتركة الانتخابات من اجله، كما يتجاهل الدينامية المدنية الاجتماعية المرتبطة بهذا النضال. اولا، في الوقت الذي يهدف فيه نتنياهو وبينت وليبرمان الى الاحتفاظ بالقوة الرسمية الحصرية في الدولة في أيدي مجموعة المدنيين اليهود، ومواصلة الهيمنة العسكرية لدولة المجموعة المدنية اليهودية على الجمهور الفلسطيني في الأراضي المحتلة، فان القائمة المشتركة تسعى الى تغيير الوضع الاثني – القومي المهين من الأساس؛ وضع حد للاحتلال، وتحويل اسرائيل الى دولة لكل الإسرائيليين.

بالإضافة الى ذلك، فانه كلما كانت الأقلية القومية مقسمة داخليا، هكذا تتقلص قوتها السياسية، وكلما تقلصت قوتها السياسية، وكلما تم اقصاؤها، تصبح اكثر انعزالا. بينما نجد في المقابل ان الاقلية القومية القوية والموحدة، التي تبدأ بفهم قوتها على تغيير الأمور في دولة الغالبية، يتحتم عليها ان تجد نفسها مشاركة ومساهمة بشكل اكبر خارج الحدود الاجتماعية والعرقية -القومية القائمة بينها وبين الأغلبية.

عندما كانت قوة التمثيل البرلماني للأقلية الفلسطينية في إسرائيل منقسمة الى احزاب صغيرة وضعيفة، تم اقصاؤها تماما عن مراكز القوة السياسية، وارتسمت كفئة بعيدة عن الاسرائيلية حتى عندما قاتلت من اجل قضايا اسرائيلية عامة بشكل واضح. ولكن عندما اتحدت واصبحت تشكل قوة سياسية ذات وزن، يمكنها المساهمة بعملية تغيير وجه الدولة، بدأت بالتوجه الى جمهور المدنيين الفلسطينيين واليهود معا.

ونضيف الى ذلك نتائج استطلاع معهد الدراسات "ستات نت" الذي يمثل عينة من الجمهور العربي ، والتي تشير الى ان غالبية العرب يؤيدون انضمام القائمة الى الحكومة، سيما انه من الواضح لنا ان توحيد الأحزاب العربية في قائمة مشتركة يساهم بشكل واضح في توجه أسرلة الفلسطينيين في الدولة.

من الواضح طبعا انه يصعب على اقلية ضعيفة، تعرضت الى الاقصاء، أن تشهد انقلابا في الوعي بين ليلة وضحاها، وتبدأ باعتبار نفسها شريكة كاملة في صياغة صورة الدولة التي تتنكر لها بشكل منهجي منذ قيامها. لا يزال كبيرا حجم غياب الثقة بين الاقلية الفلسطينية والغالبية اليهودية، والدليل على ذلك الفشل المؤسف في التوصل الى اتفاق فائض الأصوات بين المشتركة وميرتس. ولكن توجه الأسرلة غير المستحيل للأقلية الفلسطينية في إسرائيل سيتسارع، بما يتفق مع ازدياد القوة البرلمانية للمشتركة، بدعم شامل من اصوات الاسرائيليين اليهود والعرب معا.

وعليه، فان فكرة التصويت للقائمة المشتركة يجب الا تردع انصار حرية التعبير الذين يعارضون قمع النساء في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، ولا حتى المتحفظين من توجهات التطرف القومي "والتقوقع" الذاتي في اوساط المواطنين الفلسطينيين. وبالمناسبة، فان التصويت للقائمة المشتركة في الأسبوع القادم، سيكون صوتا واضحا وصافيا من اجل تعميق عملية العلمنة واعتدال الاثنية القومية، واسرلة هذا الجمهور، لأن دفع اهداف المشتركة في المجالين السياسي والمدني يعني تحويل اسرائيل الى دولة مدنية. وفي اطار دولة كهذه يمكن بسهولة، دفع هذه التدابير بين المدنيين الإسرائيليين، عامة، والفلسطينيين في اسرائيل خاصة. عليه فان التصويت للقائمة المشتركة، يعتبر بشكل واضح، خيارا اسرائيليا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]