شيء مقزز ومقرف وخطير الى ابعد الحدود استمرار الحملة الدموية لشخصية مثل "راسبوتين اسرائيل" افيغدور ليبرمان ضد النائب حنين زعبي. ان هذه الحملة هي دعوة صريحة وعلنية للاعتداء الجسدي على النائب الزعبي وهي شبيهة الى حد بعيد بحملات اليمين "المعتدل" و"المتطرف" عام 1995 ضد رئيس الوزراء الذي اغتيل بسببها، يتسحاق رابين.
لا يمكن السكوت عن مثل هذه التصريحات الرعناء والتي تحمل في دلالاتها تهديدا مباشرا ضد حرية التعبير والتشكيل السياسي للمواطنين العرب عموما، وحري مواجهتها على الصعيدين القانوني والسياسي، واستثمار مفعولها في الحض على رفع نسبة التصويت والمشاركة.
وبما انها، اي التهديدات الفاشية، لا تأتي منزوعة السياق، فانما تدل اكثر فاكثر على عمق المأزق الذي يعاني منه اليمين ككل واليمين الفاشي على وجه الخصوص ازاء الاستطلاعات التي تتنبأ بامكانية فقدانه لدفة الحكم لصالح يسار المركز، وخسارة نتانياهو لهرتسوغ، ومن الناحية الثانية تؤكد على امكانية عدم عبور "حزب يشاي الكهاني" نسبة الحسم ولربما تناقص كبير في شعبية ليبرمان لدى المنتخبين من اصول روسية.
بالاضافة الى كل ما تقدم هنالك شعور متنامي لدى الفاشيين ان "القائمة المشتركة" تشكل حصنا منيعا للمواجهة كذلك الشراكة الاحتمالية لها في التشكيلات السياسية المقبلة، داخل الائتلاف او شبكة امان او حتى تحالفات عينية لفترات محددة، ولذلك ياتي الانفلات عليها ومحاولة "التسلق على اسوارها" لتأجيج مؤيديهم ولتغير دفة الاستطلاعات.
والحالة هذه وفي اسبوع الصندوق، الاحساس ان هنالك التفافا حول "القائمة المشتركة" مرده بالدرجة الاولى الى "الامل" الذي يمكن استشعاره بين الناس والزخم التراكمي لخطاب التفاؤل الذي يمثله بشكل خاص رئيس القائمة السيد ايمن عوده. علما انه من الصعب ان تقوم بادارة حملة انتخابية كاملة دون وجود منافس "حقيقي" لك في الساحة الحزبية او السياسية العربية، ولذلك كان الخطر الا ينبعث حس التأهب والجهوزية الفائقة حتى يوم الصندوق والى آخر دقيقة من العاشرة ليلا في 17.03.15.
بهذا المعنى قدمت المناكفة ما بين المقاطعين الايديولوجيين وبين الداعين الى التصويت للمشتركة، خدمة جليلة لجهة "تسخين" الاجواء وتثبيت الداعمين "ولكز" الذين لا يصوتون لفقدانهم الثقة بالمؤسسات الحزبية او بالكنيست عموما.
نقول ذلك بالرغم من كبوة اتفاق الفائض مع "ميرتس" والذي شوش الخط السياسي المتوقع والمشتق من بداية الحملة، الامر الذي خلق استفهامات لدى شريحة من المؤيدين تخوفا من التراجع عودةً الى لغة المواجهة والتوتير ومخاطبة الذات وكاننا "نركسيس" الذي ظل يحملق في انعكاس صورته بالبحيرة الى ان مات.
وبالنتيجة، هنالك حاجة ماسة الى تكرار الرسائل المركزية التي تدعو الى التفاؤل والمشاركة والانجازية.
صحيح ان جزءا كبيرا من ميزانيات الحملة لا يزال في "الدرج" لادارة يوم الانتخابات في حد ذاته والذي يعتمد على الآلاف من المتطوعين الذين انبروا لانجاح حلم الوحدة ولتحقيق اكبر عدد من المقاعد، الا ان الوصول الى هذا اليوم بالاعتماد فقط على جس نبض "المسؤولية الوطنية" لدى الكثيرين والشعور باهمية الانجاز والموقف، يعتبر، اذا بقي لوحده، مجازفة كبيرة.
والسؤال الاكبر والاهم هو لما بعد يوم الصندوق، هل ستترجم هذه القوة الانتخابية المأمولة الى واقع سياسي جديد قوي يواجه العنصرية من جهة ويحقق انجازات ملموسة للجماهير العربية من الناحية الاخرى؟ اذا كانت الاجابة بنعم فيمكن ساعتها الحديث عن استمرارية لبناء مؤسسات وطنية ذات فعالية، مثل لجنة المتابعة ومديرية تربوية مستقلة وصناديق استثمار وما الى هنالك.. والا فانها، وللاسف، وحدة لمرة واحدة ستؤدي الى "تفتيت الفتات"..
[email protected]
أضف تعليق