كتب على الفلسطينيين منذ لجوئهم الأول عام 1948 المعاناة والخذلان من القريب والبعيد ، حيث تعرض الفلسطينيين في العام 48 لحملات تهجير واسعة قامت بها المنظمات الدموية الإسرائيلية وسط صمت دولي وعربي من الأنظمة العربية ، وها هو التاريخ يعيد نفسه ويعيد المأساة مرة أخرى على الفلسطينيين اللاجئين بالمخيمات السورية وأبرزها مخيم اليرموك الذي يقطن به ما يزيد عن 80 ألف لاجئ فلسطيني ، هذا المخيم الذي وقع فريسة لقوات النظام السوري الدموي الذي يستبيح كل شئ من اجل بقائه ، وبعض المنظمات المتطرفة التي تنسب نفسها زوراً إلى الإسلام وهو منها براء حيث أن أخلاق وتعاليم الإسلام لا تدعو لمثل هكذا تطرف ودموية واحتجاز أبرياء من اجل أهداف عسكرية تسجل لصالحها ضد قوات النظام السوري .

هذه المنظمات التي تسمي نفسها "دولة الإسلام في العراق والشام ومنظمة جبهة النصرة وغيرها من المنظمات المعارضة للنظام السوري ، تستغل هذه المخيم الذي يقع في خاصرة العاصمة السورية دمشق لتحقيق مكاسب عسكرية ضد قوات النظام السوري ، غير آبهين بما يتعرض له أهل هذا المخيم من وقوعهم فريسة بين فكي قوات النظام السوري وقوات هذه المنظمات التي جعلت المخيم من الداخل اسيراً لأطماعها ومن الخارج محاصراً من قبل قوات النظام السوري التي تتحجج بوجود هذه المنظمات بداخله وبالتالي حكمت هذه الأطراف المتنازعة على سكان المخيم بالإعدام والموت البطئ جوعا وقتلاً.

إن الدين الإسلامي بتعاليمه وسنته السمحة ينبذ التطرف وقتل الأبرياء وعدم أخد شخص بجريرة آخر ، وكان الرسول صلى الله وعليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدين كانوا يوصوا قادة الجيوش الإسلامية حين كانت تحارب الكفار بالا يقطعوا شجرة ولا يمثلوا ولا يهدموا صومعة ولا يقتلوا شيخا كبيراً ولا طفلاً ، من أين جائت هذه المنظمات التي تحسب نفسها على الإسلام زوراً بهذا العناد والإصرار على خطف المخيم بمن فيه لصالح تحقيق مكاسب عسكرية .

وهنا نحن لا نبرئ النظام السوري وقواته والمنظمات الموالية له من جريمة قتل الفلسطينيين في مخيم اليرموك ، حيث إن هذا النظام هو شريك أساسي في حالة الموت والإبادة التي يتعرض لها المخيم الفلسطيني بفعل حصار قواته للمخيم من الخارج ومنع الإمدادات الغذائية من الدخول للمخيم بحجة كبح تقدم المنظمات المسلحة من دخول دمشق .

ندعو الأنظمة العربية التي خذلت اللاجئين سابقاً أن تتدخل لدى المجموعات السورية المسلحة حيث أنها تتلقى دعماً وتمويلاً من هذه الأنظمة العربية وهو اضعف الإيمان إن كانوا غير قادرين من اتحاد إجراءات لإنقاذ هذا المخيم الذي كتب على أهله المعاناة منذ تم تهجيرهم من قبل القوات الإسرائيلية في العام 48 في ظل خذلان عربي وغربي للقضية الفلسطينية آنذاك .

ما يحصل في مخيم اليرموك لا ينبغي أن يصنف في إطار تسجيل النقاط السياسية لطرف على آخر، الكل الفلسطيني مطالب ببذل ما بوسعه من جهود واستغلال علاقاته الخارجية سواء مع الأنظمة العربية والدولية أو الأطراف المتنازعة في سوريا من اجل تجنيب هذا المخيم وأهله وتحييدهم عن الصراع داخل سوريا ورفع كماشة النظام السوري والمنظمات المسلحة عنه حتى لا نصل إلى مرحلة لا نجد أحياء بداخل هذا المخيم الذي ينزف يومياً بأعداد متلاحقة من أبنائه يموتون جوعاً ، المخيم لا يحتاج إلى طعام وشراب المخيم يحتاج إلى رفع الحصار عنه سواء من داخله أو خارجه .

المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وخاصة وكالة الغوث "الاونروا" مطالبة ببذل جهود اكبر من اجل انتزاع قرار دولي لرفع الموت عن اللاجئين الفلسطينين في ظل صمت غريب للمنظمات الدولية التي تدعى إنها ترعى حقوق الإنسان .

*صحفي وكاتب فلسطيني

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]