لا يبدو ان اكثر المتفائلين في لبنان مرتاح لبداية العام 2014. ولم يكن احد يتوقع ان يتم اغتيال شخصية بحجم محمد شطح قبل ايام من انتهاء العام 2013 ليزيد التعقيدات على المشهد الداخلي اللبناني المترنح على ايقاع الازمة السورية والشلل في مؤسساته الدستورية.

قبل ايام من اغتيال شطح وقبل يومين من عطلة الميلاد المجيد زار النائب محمد رعد الرئيس ميشال سليمان في قصر بعبدا وتناولا مجموعة من القضايا الخلافية ومن ضمنها ملف الحكومة. وتبلغ رعد من سليمان انه ماض قدماً في تشكيل الحكومة منعاً للفراغ وقبل انتهاء ولايته الرئاسية. وطرح على رعد صيغتين للحكومة الاولى حكومة اقطاب من 10 وزراء وشبيهة بالحكومة التي تلت اتفاق لوزان والثانية حكومة حيادية من 16 وزيراً ولا تتضمن حزبيين او اسماء مستفزة وعلل سليمان لرعد اسباب هذين الطرحين لرفض تيار المستقبل و14 آذار مشاركتهما حزب الله في اي حكومة قبل انسحابه من سورية. وأصرّ رعد بدوره على نقل وجهة نظر الحزب وقوى 8 آذار على ان حكومة الشراكة الوطنية لا تتحقق الا بصيغة الـ9-9-6.

خرج رعد من قصر بعبدا وهو مقتنع ان الصورة غير واضحة لدى سليمان وان الصيغتين المقترحتين لحكومة الأقطاب او الحكومة الحيادية لم تتبلوران لديه او لدى الرئيس المكلف تمام سلام.

اليوم الصورة تغيرت بعد اغتيال شطح وذهاب تيار المستقبل و14 آذار بعيداً في اتهام حزب الله وحلفاء سورية بالاغتيال واطلاق حركات وصفوها بالـ"تحرر من السلاح غير الشرعي".

هذا الاستثمار للاغتيال والاتهامات لـ"حزب الله" وسورية والشبيهة بتلك في العام 2005 وما تلاها من سنوات عجاف لم يقابلها الحزب او 8 آذار بارتياح ويريان فيها انعطافة حادة للامساك بالسلطة ولا سيما بعد التصريحات الواضحة والصريحة لكل من الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة والدكتور سمير جعجع عن حكومة اللون الواحد او الحيادية المقنعة.

وزادت هذه "النقزة" مع ما رافقها عن معلومات مؤكدة توفرت امس لقيادة حزب الله و8 آذار عن نية ميشال سليمان وتمام سلام بدعم من "المستقبل" والسعودية القفز فوق الشراكة الوطنية وتشكيل حكومة مواجهة او امر واقع وهي مسألة يعرف سليمان مسبقاً انها تحد لفريق واسع وفيه الرئيس نبيه بري وحزب الله والنائب جنبلاط وجميعهم اكدوا له انها لن تنال الثقة وانها تقود الى "المشكل". وهذا "المشكل" كناية عن رغبة سليمان إما بالتمديد وهو ابلغ انه لن يمر والثاني انه الفراغ والثالث والارجح وهو الفوضى، فهل يريد سليمان الفوضى للبنان؟.

هذه الاجواء المشحونة حضرت في مداولات حزب الله الذي عقد اجتماعاً مطولاً لاجهزته العسكرية والامنية والسياسية كافة مساء امس الاول ونوقشت فيه مختلف القضايا التنظيمية الخاصة بعمل الحزب وجرى خلالها تقييم العام 2013، كما حضرت القضايا الداخلية المحلية والاقليمية والازمة السورية والصراع مع اسرائيل.

ويؤكد قيادي بارز في "حزب الله" ان الحزب ورغم "ارتياحه الخاص" من كل القضايا التي يخوض فيها، الا انه عكس اجواءً غير ايجابية لبداية العام 2014 ومنها اتهامه بشطح ووقوف اجهزة دولية عدوة وراء الاغتيال ومحاولة فرض مواجهة داخلية على الحزب وحلفائه من بوابة حكومة التحدي لذلك الخيارات كلها مطروحة على الطاولة فكل فعل سيواجه برد فعل اقسى منه بكثير. والحوار سيواجه بالحوار والانفتاح ولا افق مغلق ولا شروط في اي تقارب مع اي طرف داخلي فالحزب ليس من هواة المشاكل او افتعالها لكنه لن يقف امام محاولات زجه في الفتنة او في مخططات تهدف الى زعزعة الاستقرار. حتى امس كانت المشاورات بين ممثلي اقطاب 8 آذار ناشطة على اكثر من مستوى وصعيد وحتى التواصل مع الرئيسين سليمان وسلام لم ينقطع مباشرة او غير مباشرة لثنيهما عن اي قرار من هذا النوع، كما ان المداولات بين اقطاب 8 آذار تطرقت الى مجموعة من السيناريوهات لما بعد حكومة التحدي وليس بالضرورة ان تكون عسكرية او ميدانية او شعبية وهي متصاعدة وفق اي قرار يتخذه الآخرون.

ويختم القيادي عندما يعلن عن اجتماع لاقطاب 8 آذار فاعلموا ان المواجهة بدأت وحتى هذه اللحظة لا يبدو ان هناك حاجة لهذا اللقاء.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]