عندما تقف صباحاً أمام المرآه ترفع رأسك قليلاً، تضع يدك على جبينك .. تسرح شعرك تحرك شفاهك .. أغمض عينيك قليلاً أغمضهما أكثر تكلم مع نفسك والآن إبدأ بلومها بمحاكاتها بعتابها وأخرج وابدأ يومك..الآن أخبرني الى من كنت تنظر؟
بضع خطوات بين أنا وهو بين أنا وهؤلاء بين أنا والآخر، وماذا نقصد بالآخر أهو أنا المتربع داخل أضلاعي يأبى أن يخرج خوفاً من رؤية صورتنا الحقيقية تلك التي نسجنها عميقاً في أبعاد أحياءنا الجسدية نزورها بلامبالاة الأحلام نخاف الاقتراب منها نخاف تصديق وجودها فينا فهي ليست أنا فهي ذاك الآخر ... أم هو ذاك الإنسان اللذي اصطدمت به في زمن من الأيام في شتى عمري ونظرت اليه بنظرة الغير بنظرة التعالي أو بنظرة الإستخفاف.. من هو الآخر أهي نفسي الغريبة عني أم هو جسد الغريب؟ أهو من يختلف عني في العرق والدين واللون والحاجيات أم هو من أختلف عنه في الفكر والثقافات .. أهو أنا أم أنت أخبرني فلم أعد أفهم؟
تقبل الآخر باتت عملية تربويه تحتاج لتتغلغل فينا منذ الولادة منذ أولى خطواتنا في نسج ثوب حياتنا، بخطوط شفافة تلونها عادات حضاراتنا المختلفة وتصقلها عيدان التمييز الفتاكة ونغدو حينها صفحةً تحوي ما لا نهاية من المربعات في كل خانه وضعنا شخصاً صنفناه غيراً وأهديناه اسماً وأخذ حيزاً في إحدى أوراق حياتنا. إن تقبل الآخر يندرج تحت أكثر مفاهيم الحياة تعقيداً وذلك لعدم تماشي سلوكيات الكل مع أفكارنا بعدم توازي حاجيات البعض مع حاجياتنا وبعدم ملائمة أفكارهم مع أحلامنا وربما لعدم انسجام معزوفتهم مع موسيقانا، بتنا نبني حدوداً تحل منصة اعتراف بين أنا وهو...
مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية هذا الموضوع في صقل تربية شبابنا وبلورة ثقافتهم الإجتماعيه وتعزيز سبلهم التربوية والسياسية والسلوكية كان من الجدير بأن تقوم المنارة بنشاط مكثف بتعزيز فكرة الآخر بين مفاهيم المنهاج المدرسي التربوي في مختلف فئات المدارس من أجيال عديدة لتحل كعود ثقاب تجعلهم يشعلون نار المبادرة والعطاء في شبابنا لتوسيع ضيق النظر المحدود وتسليط الضوء على تقبل الذات لنسعى لتقبل الآخر .. إن فتح إحدى نوافذ حياتنا المغلقة وخطو أولى الخطوات في استيعاب غيرنا لا يعني الذوبان في أفكاره والتغيير الجذري لأفكاري بل العكس، وهو أن تنظر نظرة استفهام لنفسك ولأفكارك ولتحاول أن تزيل شوائب أفكارك المسبقة ومحاولة ادراجها تحت عنوان آخر لا يحوي عناوين منفردة بل صفحة واحدة تشمل بين طياتها شريحةً من المجتمع المختلف في أفكاره وحاجاته وأسلوبه ورسم اولى خطوط الشرعية لأفكار واختلاف الغير دون التحفظ بصورة الكترونيه معينه لا شاحن لها سوى أفكار مسبقة باتت تفرغ من ذخيرة شبابنا لا العكس.
لتمرير تلك الورشات على كافة الأصعدة بعيداً عن التعصب أو التحيز قامت جمعية المنارة بتمرير ورشاتها داخل المدارس بمشاركة مرشدين وطلاب جامعيين تم تأهيلهم خصيصا بالتعاون مع المؤسسة العربية لحقوق الانسان وبرعاية الاتحاد الأوروبي، يحملون روح العطاء والتجدد لشبابنا القادم وذلك من منظورهم الشخصي لشباب عبروا سبلاً لتمرير فكرة الآخر بعيداً عن الصراعات المتأججة والحياة العادية التي تتماشى مع صيحات حياتنا تحت اطار التعددية وإيثار النفس على الغير وعدم النجاح للوصول لدرجة التسامح النفسي كي نستطيع ادراج الآخر إن كان من ناحية إعاقة أو فكر أو عرق مختلف في جدول حياتنا اليومي.
قامت المنارة بتمرير أكثر من 25 ورشة منذ بداية شهر تشرين الثاني ضمن مشروع " الآخر هو أنا وأنا هو الآخر"، جدير بالذكر بأن المدارس التي شاركت هي مدارس عديدة من مختلف المدن والقرى: المدرسة الإعدادية الرامه، مدرسة ابن سينا الناصرة، مدرسة يافة الناصرة الإعدادية، مدرسة يافة الناصرة الجديدة، مدرسة الخوارزمي باقة الغربية، مدرسة رؤى منشية زبده الإبتدائيه، مدرسة مي زيادة والزهراء الإعدادية في الناصرة، مدرسة راس علي، مدرسة اليتراسانطه، مدرسة الرينه الثانوية، مدرسة عرابة الشاملة، مدرسة جبل سيخ عين ماهل، مدرسة الطور دبورية وغيرها. كما وتستمر المنارة في تمرير الورشات لمدارس أخرى ضمن المشروع. قام بتمرير الورشات كل من: وسام سكران، رزان بشارات، ربيع دحلة، صبحية قدح، عامر حماتي، ولاء عواودة ومحمد اكتيلات.
أخيرا وليس آخراً علينا الفهم بأن العملية المتبادلة بين أنا وغيري هي عمليه أبواب مفتوحة لا يفصلها سوى خيط خيالي من ما أنا عليه وما أسعى اليه لأكون، فإن تحقيق الذات ونمو سلوكياتنا تعتمد على انحصارنا في إطار مجتمع مختلف علينا تعزيز أنفسنا للإنخراط في أطر حياتنا المختلفة فلنرفع أعيننا قليلاً عن وسادة الخمول ولنبدأ بتجميل عيوبنا اولاً لكي نكون أناسا عفويين يسكنهن التسامح قادرين على استيعاب الغير.
[email protected]
أضف تعليق