“مكتب ظل” يدير الوزارة فعليًا

تتصاعد حالة التوتر داخل وزارة التعليم الإسرائيلية في ظل معلومات تفيد بأن المستشار السياسي للوزير يوآف كيش، أسيف كزولا، أصبح الجهة التي تحسم القرارات الجوهرية داخل الوزارة، بما في ذلك التعيينات وتوزيع الميزانيات. مصادر مهنية داخل الوزارة تشير إلى أن المسارات المؤسسية تغيّبت كليًا، وأن القرارات تمر عبر مكتب المستشار دون الرجوع إلى مستويات مهنية أو لجان مختصة. هذه المنهجية انعكست على جو العمل، لتتحول الوزارة، وفق وصف مسؤول سابق، إلى مؤسسة تُدار عبر “مركز قرار واحد”، بعيداً عن المسار التنظيمي المعروف في جهاز حساس مثل التعليم.

موجة استقالات متلاحقة لكبار المهنيين


التغير في بنية إدارة الوزارة جاء متزامنًا مع موجة مغادرة كبيرة لمسؤولين نافذين. آخر الاستقالات جاءت من د. جيلمور كيشت-ماور، رئيسة قسم العلوم، والتي أنهت عشر سنوات من عملها وغادرت منصبها في خطوة تحمل دلالة مهنية واضحة، كونها من المسؤولات اللواتي يشرفن على المجال العلمي والمناهج المتعلقة به. استقالتها أضيفت إلى قائمة تضم مدراء إدارات ومفتشين وموظفين مركزيين. وفي حديث لمنسقة إدارية سابقة، قالت إن “أصحاب المناصب لا يجرؤون على إبداء رأي مهني، وإن أفضل الكفاءات تختار الخروج من الوزارة”، مشيرة إلى تصاعد حالة الخوف من المواجهة المباشرة مع الوزير أو دائرته القريبة.

شبهات تضارب مصالح وتدخلات في تعاقدات مالية

إضافة إلى الأزمة الوظيفية، تتكشف قضايا ذات صلة بالمناقصات والعقود المالية. تقارير إسرائيلية بينت أن مناقصة حكومية مُنحت لشركة نقل صغيرة تبيّن لاحقًا أنها مرتبطة بعائلة مستشار الوزير نفسه، وهو ما أدى إلى وقف المشروع بعد طرح علامات استفهام حول تضارب المصالح. ملفات مشابهة ظهرت بعد تمديد عقود ضخمة لشركة تقدم خدمات للوزارة، وتعمل فيها زوجة المدير العام الحالي، دون طرح مناقصة بديلة أو فتح المنافسة أمام جهات أخرى. هذه التطورات فُسرت من داخل الوزارة باعتبارها تعزز “شبكة ثقة شخصية”، لا منظومة مهنية قابلة للرقابة.

انعكاسات مباشرة على واقع التعليم العربي

الأزمة الإدارية داخل الوزارة تزامنت مع حالة تربوية معقدة في المجتمع العربي. مدارس عربية تعرضت خلال الأسابيع الأخيرة لضغوط مالية، حيث لم تصل الميزانيات المقررة في وقتها، وتم في المقابل التلويح بتجميد بعضها بدعوى عدم صرفها. مسؤولون تربويون أشاروا إلى أن المدارس تُحاسب على ميزانيات لم تتسلمها أساسًا، الأمر الذي أدى إلى تعطيل برامج تعليمية ونقص في الساعات والإرشاد والدعم. إضافة إلى ذلك، برزت حالات صادمة داخل المدارس العربية، من بينها اعتداءات على معلمين، وقضايا تحرش داخل الجهاز التربوي، وصولاً إلى حادثة مقتل طالب داخل مدرسة في كفر قرع، ما شكّل صدمة تعليمية واجتماعية كبيرة. هذه الأحداث، وفق أطراف تربوية، تتكرر دون تدخل تنظيمي واضح، ومع غياب خطة ضبط تربوية أو إدارات متابعة.

الوزارة تنفي الاتهامات وتصر على قانونية الإجراءات

وزارة التعليم ردّت على ما ينشر مؤكدة أن كافة التغييرات تتم وفق الأنظمة، وأن المناصب تشهد حركة طبيعية مرتبطة بالتقاعد أو انتهاء الفترات المهنية. الوزير يوآف كيش نفى وجود تدخل في مناقصات أو تعيينات خارج المعايير، ووصف المعلومات المتداولة بأنها “غير دقيقة”. رغم ذلك، ما يظهر في الميدان يطرح صورة مختلفة، حيث تتواصل الاستقالات من مواقع مهنية عليا، وتُقلّص موارد المدارس العربية في الوقت الذي تتصاعد فيه الحوادث الميدانية داخل الجهاز.

ما يجري داخل الوزارة، بحسب تقديرات مهنية، لم يعد مجرد تغيير إداري، بل تحول إلى نمط إدارة يربط القرار التربوي بسياق سياسي مباشر، ويضع مستقبل الجهاز التعليمي بأكمله في موضع قلق، بينما يدفع المجتمع العربي تحديدًا الثمن الأكبر تربويًا وعائليًا ومجتمعيًا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]