الصرّخة المدوية الّتي علّمت الغابة أن تخاف
أعشاشٌ مكسورة وضمائر تصحو
عندما يدور الحديث عن الأديب والشّاعر الكرملي، وهيب نديم وهبة، تختلف المعادلة، ولا يمكننا أن نمرّ سريعًا دون التروّي والتّعمق، لأنّنا نتكلّم عن قلم حضاريّ راقٍ يحمل مشروع فكري وإنساني، ممتد ومتجذّر في القيم، الهويّة وبلاغة التّعبير والكلمة الهادفة. فوهيب ليس مجرّد راوي روايات، بل صاحب رؤية ثاقبة يحمل الضّوء في زمن عصيب حالك الظّلام، يعيد ترتيب علاقة الإنسان مع نفسه ومحيطه.
في هذا السّياق يأتي كتابه "بيت العصفور"، هذا العمل الذي تجاوز حدود الحكاية، ليصل الى عمق الرّسالة ويعيد للإنسان بعض من دفء روحه المفقودة.
عنوان القصّة الذي لأوّل وهلة يبدو بسيطًا في ظاهره، لكنّه يفتح افاقًا على عالم فيه عمق رموز ومعادلات مركّبة.
البيت عبارة عن مأوى الرّوح
العصفور البساطة، البراءة، الحياة، الحلم
الغراب غريزة الشّر
رجل الغابة التّجربة والرّؤيا الثّاقبة
الملك سليمان العدالة المُطلقة، والحكمة التي تعيد للعدل توازنه
شاعرنا الكرمليّ، يجعل من سطوره رحلة بين الواقع والأسطورة، بين النّزيف والجّرح واندماله معتمدًا تقنيّة سرد داخل سرد، بحيث تتقاطع الحكاية مع معادلات كونيّة وحضور اسطوري مما يضيف من المستوى.
وفي لحظة خطف الشّر "الغراب "، للفراخ لا نكون امام حدثًا قصصيّا، بل نحن أمام مواجهة أسئلة عن هشاشة الحياة والظّلم المستشري في كل انحاء المعمورة، وضرورة العودة الى بناء مجتمع حضاري خالي من التعصّب والعنف، حب الهيمنة والسّيطرة ومحاربة قانون شريعة الغاب.
بالإضافة الى إعادة وصل الإنسان بالطّبيعة ايمانًا بأنّ الخير ما زال بيننا وفينا، والتّضحية قادرة على التفوّق وتحطيم المعجزات.
بيت العصفور تُرجم الى الإنجليزيّة والعبريّة، وتصدّر المشهد الثقافي الرّاسخة على الجذور، القيم والأخلاق النّبيلة ويسمو بالكلمة الرّاقية الحرّة المؤمنة الموغلة، في أعماقنا سمو الرّوح وغرس أشجار الأمل والتفاؤل وبناء جسور الألفة.
باعتقادي المُتواضع، لا يقدّم الكاتب رواية فقط، بل درسًا في المحبّة والتّسامح، دماثة الأخلاق واستعادة القيم الأصيلة الّتي باتت في عدّاد المفقودين.
هذا العمل كغيره من أعماله يبقى في الذّاكرة الى أمد بعيد يتردّد على الألسنة ويخفق في القلوب.
[email protected]
أضف تعليق