بالرغم من التماهي اللا محدود للقنوات الإسرائيلية مع رواية الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية خلال الحرب على غزة بشكل خاص، إلا أن ذلك لم يشفع لها، وجاء مشروع قانون البث الجديد لوزير الاتصالات شلومو كرعي، ليضع المسامير الأخيرة في نعش مزاعم" حرية الصحافة والديمقراطية" الإسرائيلية.
وينص مشروع القانون الذي اجتاز القراءة الأولى الليلة، على إلغاء الفصل بين الجوانب التجارية والإخبارية في القنوات التلفزيونية، وفتح سوق الإعلام للمنافسة عبر إزالة القيود التنظيمية. كما يقترح إنشاء هيئة رقابة جديدة تابعة مباشرة لوزير الاتصالات، الذي سيعين رئيس اللجنة وثلاثة من الأعضاء، في مسعى منه للسيطرة على قنوات التلفزة ووضعها تحت إبط الوزير والحكومة اليمينية التي تحمل رؤى يمينية مسيانية أصبحت واضحة المعالم منذ اعتلت سدة الحكم في أواخر العام 2022، وبدء ما يسمى" الإصلاحات القضائية"، ومن ثم الحرب على غزة حتى يومنا هذا، من تفاعلات عودة الإنقلابات على السلطة القضائية من تهميش لمنصب المستشارة القضائية للحكومة والمحكمة العليا، في مسعى للتلاعب على ما قد يؤدي إلى إقامة لجنة تحقيق في ملابسات حرب السابع من تشرين الأول 2023، وما تلته.
وبالرغم من تقديم مشروع القانون كخطوة لتحرير سوق الإعلام، كما يدعي كرعي، إلا انه سيمنح الحكومة نفوذًا أكبر على محتوى الأخبار، ويضع استقلالية وسائل الإعلام تحت اختبار سياسي وقانوني طويل.
كرعي، كما الآخرين في حزب الليكود، يبحث عن مقعد متقدم في الانتخابات التمهيدية للحزب، ويسعى ليكون ضمن الفائزين بالعشر الأوائل في القائمة الذهبية المقربة والمعززة، وهو ما يتطلب الكثير من الرياء والنفاق أولًا لمن يقف على رأس الحزب( وزوجته)، ومن ثم لجمهور مركز الليكود الذي سيقوم بالتصويت في الانتخابات التمهيدية(برايمريز) نهاية الشهر الحالي( إذا لم يكن هناك أي تغيير)، وهذا ما يفسر استعجاله الآن على طرح المشروع بالرغم من مضي سنتين على العمل به.
وبجميع الأحوال فإن مشروع القانون سينتقل إلى إحدى لجان الكنيست، علمًا أن اللجنة المؤهلة للبحث هي لجنة الاقتصاد، إلا أن العلاقات بين رئيسها دافيد بيطان(الليكود أيضًا) وكرعي، متوترة، وعليه فإن الأخير يبحث عن لجنة أخرى لتبحث في تفاصيل مشروع القانون وتجهيزه للقراءة الثانية والثالثة، ومن يدري، فلعله يضغط باتجاه إقامة لجنة مصغرة تحت رئاسة مقرب منه، وهو ما سيستغرق اشهرا عديدة.
وفي جميع الأحوال فإن دورة الكنيست الحالية، على ما يبدو، لن تنجح في المصادقة على القانون، إذا ما توجهت الكنيست الى انتخابات مبكرة، كما يبدو.
ويبقى مشروع القانون ساري المفعول للبت فيه في الكنيست القادمة الـ26، فهل تنجح المساعي في تمريره، أم سيكون مصيره سلة المهملات كما الآلاف من مشاريع القوانين الشخصية والإنتقامية الموسمية؟!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]