كتب: زهير دعيم

القطيعة " كلمة قاسية ، جافّة ، حارقة ، سلبيّة ، جاءت من الجذر : ق .ط .ع ، فهي تفصل وتُبعد وتُشرذم وتزرع البغضاء والعداء في القلوب والنُّفوس ، فالأخ يقاطع أخاه وأباه ، والأخت اختها وأخاها، والأب أولاده واخوته واخواته على الجرّار . والكنة حماتها والحبل
. قد يكون الخلاف على شبرين من الأرض والإرث، أو على مدخل بيت ، أو موقف للسيّارة ، أو على شجرة زيتون زائدة فزنا بها ولم يفز بها اخونا رغم انه ورث العشرات منها ، وقد يكون الخلاف بسبب كلمة قيلت اثناء غضب او هيجان .
ومهما تعدّدت الأسباب ومهما غلا ثمنها ، فهي لا تستحقُّ أن تعيش وأن تزرع العداء والفرقة بين الاخوة والاهل والاقرباء والجيران.
وكيف تستحقّ والسماء تقول بجليّ الحرف : " ماذا ينتفعُ الانسانُ لوْ ربحَ العالَمَ كلَّه وخسرَ نفسَه" ؟
نعم ماذا ينتفع لو ربح مال الدنيا وخسر صحّته وسلامه وهدأة باله واخاه او أباه ؟
يحِزّ بنفسي كثيرًا حينما أحضر عرسًا وأُفاجَأ بأنّ عمّة العريس أو خالته لم تحضر، أو أنّ احد اعمامه لم يُدعَ،
والأدهى والأمرّ حين يكون الامر يتعلّق بوداع قريب فارق الحياة .
ماذا دهى القوم ؟
وماذا أصاب المجتمع حتى باتت الفُرقةُ عنوانه والخلافات محور حياته؟
وكيف تُفسّر لي أنّ هناك من الآباء من يعمل على زرع الخلاف والتفرقة بين أولاده ، فينحاز الى هذا دون ذاك ، ويُنعم على هذه ويبخلُ على تلكَ .
قال لي أحدهم : انّها علامات آخر الازّمان ...

صدقتَ يا صاحبي ، فحين ينقطع حبل المحبّة على مذبح الأنا ، وحين تجفّ المودّة على مذبح المصالح الشخصيّة ، وحين يُضحي الدولار هو هو الربّ المعبود ، نكون حقًّا في آخِر الزّمان .
مَن قال يا قارئي العزيز انّ من يصالح اخاه الظالم
يكون ضعيفًا ؟
مَن قال أنّ من يعمل على لمِّ الشّمل ورأبِ الصّدَع يكون ساذجًا ؟
إن كان الامر كذلك ، فأنا أريد أن أكون هذا الضّعيف وذاك السّاذَج وهذا المِسكين بالرُّوح ، وهذا من منطلق قناعتي بأنّ من يُصالح ويغفر ويلمّ الشّمل، يكون كبيرًا وجميلًا ومحبوبًا لدى الناس ولدى ربّ السّماء.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]