بقلم رانية مرجية – صوتٌ من رماد العرب
في البدءِ كانتِ الأرضُ أنثى،
تحبلُ بالحياةِ كلّما نزفَت،
وتلدُ الحلمَ من رحمِ الرماد.
ثم جاءَ المهرّجون،
طلاءُ وجوههم من رمادِ الضحايا،
وأصابعُهم تُصوّتُ للموت،
وتُباركُ الغيابَ باسمِ الإله.
في الكنيستِ،
يجلسونَ على كراسٍ من خوفٍ وأكاذيب،
يتبادلونَ الوعدَ القديم:
أن تبقى فلسطينُ مشهدًا مؤجَّلًا في نشراتِ المساء.
يتحدثونَ عن الأمن،
بينما الأمنُ يختبئُ تحتَ أنقاضِ بيتٍ غزيٍّ،
تحتَ وسادةِ طفلةٍ حلمتْ بعُمرٍ أطولَ من صاروخ.
وفي المقلبِ الآخر من الخريطة،
تنتظمُ الخرافُ في مواكبِ الولاء،
تتوضّأُ بالنفط،
وتُسبّحُ بأسماءِ الرعاةِ الجدد.
تتكلّمُ لغةَ البياناتِ والعقود،
وتصمتُ بلغةِ الدم.
يا خرافَ هذا الزمان،
كم مرةً صدّقتم أنَّ الذئبَ تغيّر؟
كم مرةً عدتم إلى الحظيرةِ بأقدامٍ مبلّلةٍ بالدموع؟
من قالَ إنَّ الصمتَ نجاة؟
من قالَ إنَّ الخوفَ حكمة؟
أيُّها الرعاة،
لقد نسيتم أنَّ الخرافَ تعرفُ أسماءَكم.
تحكمونَ بالرهبة،
وتعيشونَ على فتاتِ الخيانة.
لكنّي رأيتُ في غزةَ وجهًا يشبهُ الله،
طفلًا يضحكُ وهو يحملُ حجرًا أثقلَ من طفولته،
امرأةً تُرضِعُ طفلها تحتَ السماءِ الممزقة،
وتقول:
“لن أموتَ اليوم،
فاللهُ لا يُميتُ من يحرسُ الحلم.”
وفي القدس،
عجوزٌ تغسلُ وجهها بدموعِ الأنبياء،
وتقولُ لجنديٍّ يصرخُ في وجهها:
“أنا لستُ إرهابًا،
أنا آخرُ ما تبقّى من وعدِ إبراهيم.”
يا وطني،
لا خلاصَ في المؤتمرات،
ولا في الكلماتِ المعلّبة.
الخلاصُ يولدُ من طفلٍ يحملُ حجرًا ويبتسم.
أما المهرّجون،
فسيكتبُ التاريخُ على جباههم:
“ضحكوا كثيرًا…
حين كانت المقابرُ ممتلئةً بالقصائد.”
وأما الخراف،
فحين ينتهي التصفيق،
سيكتشفونَ أنَّ الذئبَ كانَ أرحمَ من الراعي،
وأنَّ القطيعَ الذي لا يغضبُ…
يستحقُّ الذبح.
[email protected]
أضف تعليق