أظهرت دراسة أجراها باحثون من معهد "التأطير في الإعلام" حول تأثير فيديوهات العنف التي انتشرت بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، فروقاً بارزة في ردود الفعل النفسية والسلوكية بين العرب واليهود في إسرائيل. الدراسة، التي أشرف عليها د. أرنات تورين من كلية غوردون ود. حنان كرتشر من جامعة أريئيل، توصلت إلى نتائج مفاجئة بشأن التأثير النفسي العميق لتلك المشاهد، والتي وثقت مقتل واختطاف المئات من المدنيين والجنود الإسرائيليين.
بحسب الدراسة، التي استندت إلى 432 مشاركاً من المجموعتين، أظهر العرب معاناة نفسية أشد بالمقارنة مع اليهود. وأشارت النتائج إلى أن 71% من العرب و67% من اليهود شاهدوا فيديوهات تُظهر مشاهد مروعة، من بينها الدمار، القتل، واحتجاز الرهائن. بينما استجاب اليهود بمشاعر تدفع نحو الانتقام والعمل، تمحورت ردود فعل العرب حول الخوف، العجز والانعزال.
أوضحت الدراسة أيضاً فروقات في المرجعيات التاريخية التي استحضرها المشاركون عند تحليل الحدث؛ حيث قارن اليهود ما حدث بالهولوكوست، بينما رأى العرب تشابهاً مع النكبة الفلسطينية عام 1948. كما أظهرت النتائج أن العرب استخدموا نطاقاً أوسع من الأحداث التاريخية لتأطير الحدث مقارنة باليهود.
تعزيز الإنقسام
وأضاف الباحثون أن الفيديوهات، إلى جانب تأثيرها النفسي، لعبت دوراً في تعزيز الانقسام. فقد أظهرت الدراسة تراجعاً في التعاطف لدى اليهود مع معاناة الفلسطينيين بعد مشاهدة هذه الفيديوهات، مما يعمق الفجوة النفسية بين المجموعتين.
وأشار الباحثون إلى أن هذه الفيديوهات، رغم أهميتها في توثيق الجرائم وتحديد الضحايا، إلا أنها أسهمت في خلق حالة من "التشبع العاطفي" لدى الجمهور، حيث عززت الصور غير المُنقّحة مشاعر الغضب والانتقام لدى بعض المجموعات، والانعزال واليأس لدى مجموعات أخرى.
كما لفت الباحثون إلى أن الهجوم، وما تبعه من تداول مكثف لمقاطع العنف، أدى إلى تصاعد الاستقطاب داخل المجتمع الإسرائيلي. وأكدت الدراسة أن هذه الظاهرة، التي تتكرر في أوقات الأزمات، تجعل تحقيق التعايش والمصالحة أكثر صعوبة، في ظل انعدام الحوارات التي تراعي مشاعر الأطراف المختلفة وتأطير معاناتهم بشكل متوازن.
الدراسة تسلط الضوء على تأثير الإعلام غير التقليدي في تشكيل المشاعر الجماعية أثناء الأزمات، وتؤكد على الحاجة إلى دراسة أعمق لتأثير مثل هذه المواد في مستقبل العلاقات بين المجتمعات المتنازعة.
[email protected]
أضف تعليق