بقلم: خيرالله حسن خاسكية/ طالب دكتوراة في جامعة النجاح الوطنية
تعيش المجتمعات تقدماً سريعاً في شتى المجالات المختلفة، ومما يخلق ضغوطاً سلبية ومواقف جديدة ضاغطة على الفرد وتجعله يبحث عن بناء استراتيجيات للتكيف معها ومواجهتها. وتعد البيئة المدرسية جزءا لا يتجزأ من المجتمع والتي يكثر فيها مثل هذه الضغوطات النفسية والمواقف الضاغطة التي يتعرض لها الطلبة خلال العملية التعلمية، وللحفاظ على صحتهم النفسية وتنمية قدرتهم على المواجهة أصبح من الضروري امتلاكهم لمناعة نفسية قوية. ويعد تكوين المناعة النفسية من اهم أهداف علم النفس الإيجابي، وينظر إليها بمثابة القوة التي تصقل تفكير الفرد وتزيد من وعيه في مواجهة التحديات والتغلب على العقبات من أجل تحقيق النجاحات، وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات (الجزار وآخرون، 2018).
ويرى (Seery, 2011) و(المعافي ونصر، 2019) أن المناعة النفسية ذات أهمية في وقاية الفرد من الأمراض النفسية، وتقويه في مواجهة مصاعب الحياة، وتحسن من استثمار طاقاته بالتعامل مع المواقف الضاغطة، وتزيد من قدرته على تحمل الصعوبات وما يرتبط بها من تأثيرات نفسية سلبية كالغضب والعدوانية واليأس والتشاؤم. ويؤكد على ذلك (السلمي والغنامي، 2023) أن المناعة النفسية لدى الأفراد تمكنهم من حسن التعامل مع المشكلات التي تواجههم والتكيف مع الظروف، ومما يساعدهم في الحفاظ على صحتهم النفسية وتحسين جودة الحياة. ويرى (Choochom, et al, 2019) أن الافراد الذين لديهم مستوى عال من المناعة النفسية يتكون لديهم القدرة على بناء استراتيجيات ذاتية للتكيف مع المشكلات والشدائد والصعاب. ويؤكد على ذلك (Bhardwaj, & Agrawal, 2015) أن المناعة النفسية ذات أهمية لتحقيق الصحة النفسية للفرد، حيث أنها تساعده على التكيف والتعايش مع الضغوط النفسية والمواقف الجديدة، وتعزيز ذاته، وتزيد من قدرته على تحمل المسؤولية وتوجيه انفعالاته مما يجعله يشعر بالرضا عن حياته والعيش بأمان.
وفي الجانب التعليمي، اشارت العديد من الدراسات مثل دراسات كل من (محمد، 2021) و(الجزار وآخرون، 2018)، و(فتحي، 2019)، و (السلمي والغنامي، 2023) أن للمناعة النفسية أهمية في مساعدة الطلبة على التكيف وتحسين تحصيلهم الدراسي وتنمي الكفاءة الذاتية والقدرة على حل المشكلات، وتحسين جودة الحياة. وأشادت (طه، 2022) بدور المناعة النفسية في تعزيز العمليات الانفعالية والتفاعلية لدى الطلبة، وخلق سلوكيات واستجابات إيجابية عند مواجهة مواقف ضاغطة تصبح كخبرات جديدة مكتسبة، وتعزيز التفاؤل والتصور الإيجابي عن الحياة.
المناعة النفسية (Psychological Immunity) هي عبارة عن نظام وقائي متكامل يوظفه الشخص لتعزيز وتقوية ذاته، ويساعده على التفاعل مع البيئة المحيطة الضاغطة بكل مقوماتها، وتدعيم صحته النفسية من خلال بعض المكونات كالتفكير الإيجابي والثبات الانفعالي والتفاؤل والابداع في حل المشكلات والتفاؤل والثقة بالنفس والمثابرة والكفاءة الاجتماعية والصمود النفسي (عامر، 2021).
ويعرفها الباحث إجرائياً بدرجة استجابة الطلبة على فقرات ومجالات مقياس المناعة النفسية (فتحي، 2019).
تعد المناعة النفسية كنظام وقائي يمكن التلميذ من تقوية وتعزيز ذاته في مواجهة المشكلات والضغوط والأزمات وما يرتبط بها من مشاعر وأفكار سلبية، والعمل على استبدالها بأفكار إيجابية والتفاؤل والدافعية للتعلم والثبات والاتزان الانفعالي (طه، 2022).
ويرى (Bhardwaj & Agrawal, 2015) أن المناعة النفسية تتمثل فيما يملكه الفرد من قوة كالثقة بالنفس، والاتزان الانفعالي، والتفاؤل، والقدرة على التكيف وغيرها من مؤشرات الصحة النفسية الإيجابية التي تساعده في مواجهة الضغوط والصراعات والتحديات.
وتعرف (فتحي، 2019) المناعة النفسية بقدرة الفرد بناء استراتيجيات لمواجهة الضغوط النفسية والصعوبات الاجتماعية والتكيفية من خلال تكوين عوامل وقائية كالتفكير الإيجابي والضبط الانفعالي والتدين والمسؤولية الاجتماعية والتكيف والمرونة النفسية والتوجه نحو الهدف وإدارة وفاعلية الذات والابداع وحل المشكلات.
ويرى (Olah, 2010) أن المناعة النفسية بأنها نظام وقائي متكامل يجعل الفرد قادراً على حل المشكلات والتخلص من التوترات والدفاع عن النفس، مما يحقق صحته النفسية الإيجابية.
ويرى الباحث أن المناعة النفسية في الدراسة الحالية بأنها نظام متكامل وقائي يساعد التلاميذ على مواجهة التحديات والصعوبات، ويزيد من قدرتهم على التكيف الدراسي والاندماج وحسن التصرف في المواقف الضاغطة، مما يحافظ على صحتهم النفسية والجسمية.
أهمية المناعة النفسية:
تعد المناعة النفسية ذات أهمية للطلبة نظراً لارتباطها بالتحصيل والقدرة على التكيف الدراسي والاندماج الأكاديمي وتقدير الذات وجودة الحياة. حيث أشارت العديد من الدراسات السابقة إلى أهمية المناعة النفسية لدى الطلبة من خلال تقليلها لقلق المستقبل وزيادة إدارة وتنظيم الذات (شاهين، 2023)، وقدرتها على التنبؤ بالتوجه الإيجابي نحو المستقبل (الحلبي، 2021)، وارتباطها الوثيق بالتحديد الذاتي المتمثل بالتمكين النفسي والاستقلالية وتقدير الذات وتنظيم الذات الأكاديمية (طه وآخرون، 2022)، وتحسينها لجودة الحياة لدى الطلبة ذوي صعوبات التعلم (إبراهيم، 2020)، وأنها تعمل على زيادة التفاؤل (السيد، 2021)، وتحسين الكفاءة الذاتية المدركة للطلبة وقدرتهم على حل المشكلات (فتحي، 2019)، وتزيد المناعة النفسية من الاستقلال الذاتي لدى الطلبة (عبد الله وآخرون، 2022)، وتساعد الطلبة على التكيف الدراسي وحل المشكلات الاجتماعية (شويعل وفريد، 2022) و(الرفوع والربيحات، 2021)، وتقلل المناعة النفسية من الأفكار للاعقلانية وخداع الذات وتنمي لدى الطلبة الأفكار المنطقية في مواجهة التحديات (السلمي، 2022)، وتحسن المناعة النفسية من التوافق النفسي (حسن وسالم، 2022)، وتساهم في تحقيق السعادة للطلبة (الأحمد، 2020)، وتزيد من الاندماج الاكاديمي وتحسن من جودة الحياة (عامر، 2021)، وترتبط المناعة النفسية ارتباطاً وثيقا بالذكاء الروحي واحترام الدين (السلمي والغنامي، 2023).
[email protected]
أضف تعليق