يحتفل العالم اليوم الجمعة بذكرى يوم المرأة العالمي، حيث تتركز الجهود الدولية على تحسين ظروف النساء. كانت «هيئة الأمم المتحدة للمرأة» خطتها للعام الحالي فيما يخص نساء الدول العربية بشعار «الاستثمار في المرأة» غير أن هذه الهيئة، ونظيراتها من مؤسسات الأمم المتحدة، وجدت نفسها فجأة في خضمّ وضع فظيع وصعب يحاول التأقلم مع أشكال من المعاناة الهائلة لنساء فلسطين.
وثّقت الهيئة عدد الفلسطينيات اللواتي قتلن في القطاع منذ بدء الحرب الإسرائيلية عليه بما يقارب 9000 امرأة مرجحة أن يكون هذا الرقم أقل من العدد الفعلي، كما أعلنت عن «قلقها الشديد» إزاء تقارير انتهاكات حقوق الإنسان ضد النساء والفتيات الفلسطينيات من قبل ضباط الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الاعتداء الجنسي والمعاملة المهينة أثناء الاحتجاز مطالبة بمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم، وتحدثت قبلها عن تقارير لخبراء الأمم المتحدة بشأن «إعدام نساء وفتيات فلسطينيات بشكل تعسفي في غزة على أيدي الجيش الإسرائيلي.
تتابعت تقارير منظمات الأمم المتحدة لتتحدث عن تحول غزة إلى المكان الأخطر في العالم على الأطفال، وعن خطر المجاعة الوشيك وكون النساء والفتيات في جبهة الأزمة، وعن فقدان قرابة عشرة آلاف طفل فلسطيني أمهاتهم أو آباءهم في غزة، وعن تفاقم احتياجات الحماية لدى النساء والفتيات بعد أن شردتهن القوات الإسرائيلية قسرا، وعن قتل القوات الإسرائيلية 2 من الأمهات كل ساعة.
تطرّقت الرسائل التي ينشرها فرع الهيئة الفلسطيني على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي لأحوال الفئات الأكثر تهميشا كحالة ابتسام، 49 عاما، المقعدة والتي تستخدم كرسيا متحركا قائلة: «نحس أننا مهمشون وضعاف» وعن حالة آية، 22 عاما، التي كانت تحلم بالسفر والدراسة في إيطاليا فصار حلمها البقاء على قيد الحياة، وهيام، 44 عاما، التي تشكر الله كل يوم وتستيقظ وعائلتها أحياء وتصفهم بـ«أكفان مؤجلة، لابسين وحاضرين».
يكشف تقرير للجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، نشره أمس الخميس، أن الإناث يشكلن 49 في المئة من إجمالي عدد السكان في فلسطين، وهناك مليون ومئة وثلاثين ألف امرأة في غزة، وتمثل الإناث 75 في المئة من إجمالي عدد الجرحى البالغ 72156 جريحا، كما شكلت النساء والأطفال ما نسبته 70 في المئة من المفقودين.
تشير المعطيات الصحية في قطاع غزة إلى تحديات كبيرة تواجه النساء الحوامل، فهناك حوالى 60 ألف امرأة حامل في القطاع، والمرجح أن تعاني نحو 15٪ من هؤلاء النساء من مضاعفات الحمل والولادة التي يصعب علاجها بسبب نقص الرعاية الطبية، وقد ارتفع عدد الولادات المبكرة لدى النساء إلى نسبة الثلث تقريبا بسبب الصدمات وعوامل التوتر، ومنهن من أجهض نتيجة الرعب مما زاد حالات الإجهاض بنسبة 300٪، وهناك الكثير من الحوامل ولدن على قارعة الطريق في أوضاع يُمنع فيها عنهن الدواء والماء والرعاية والحماية.
أعلنت إسرائيل في نهاية شهر تشرين ثاني/نوفمبر الماضي عن وجود 260 معتقلة من قطاع غزة، فيما تم اعتقال 300 امرأة من الضفة الغربية، منهن 200 منذ بدء الحرب على غزة، و165 من مدينة القدس المحتلة، منهن 84 بعد العدوان على القطاع. ما يزال الاحتلال يعتقل 56 امرأة يتوزعن بين الضفة وغزة وأراضي الـ48، وبين السجينات قاصرتان.
تمثّل النساء دائما الطرف الأضعف في معادلات الصراع الوجودية، كما تتحول قصص تعمد العدو إذلالهن إلى جرح وطني كبير، وتوضّح الوقائع أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتقصّد التنكيل بالنساء، وقد أظهرت أفاعيل جنود إسرائيليين هذه الظاهرة التي تحاول إهانة الشعب الفلسطيني عبر التعرّض لنسائه.
تشير هذه الوقائع والأرقام إلى اختصاص النساء بحصة كبرى من المعاناة الفلسطينية العامة لكنها تعيد أيضا تثبيت الطابع السياسي الوطني العام للنضال الفلسطيني ضد الاحتلال وتثبيت دور النساء الفلسطينيات فيه. القدس
[email protected]
أضف تعليق