دعوة لليقظة: وجد بحث دولي جديد أن "السلالة الأصلية" للدجاج الذي نعرفه - قد يختفي تمامًا. لماذا يجب أن يكون هذا مهمًا لنا جميعًا؟
يعرف معظمنا أن الكلاب تطورت من الذئاب وأن القطط من سلالة الأسود والنمور، ولكن من أين أتت الدجاج؟ حسنًا، ربما لم تقابلوه في حديقة حيوان أو في كتب للأطفال، لكن الديك البري الأحمر، الذي يشبه الدجاج الذي نعرفه - ولكنه أكبر منها بشكل ملحوظ، هو الجد الأصلي لعشرات المليارات من الدجاجات المدجنة التي تقرقر حول العالم.
في بحث عالمي جديد أجري مؤخرًا، تبيّن أن دجاج الأدغال الأحمر مهددًا بالانقراض، وذلك بسبب الصناعة التي طورها البشر من نسله، فعندما يلتقي الدجاج المدجن الذي يربيه الإنسان من أجل البيض واللحوم بالدجاج البري ويتزاوج معه، وهكذا فإن النسل الذي يفقس من البيض في البرية يصبح أكثر شبهاً وراثيًا بالدجاج المدجن. وبالتالي، فإن الأنواع الأصلية معرضة لخطر فقدان خصائصها الأصلية – التي تجعلها مميزة وفريدة من نوعها.
بحسب الباحثين، يجب أن تزعج هذه النتيجة أيضًا أكلة الدجاج والبيض - لأنه مع انقراض الدجاج الأصلي، سنفقد أيضًا ضمان بقاء الدجاج المدجن في المستقبل.
نجا من الانقراض الجماعي – ولم ينج من الإنسان؟
لفهم وضع الدجاج الأصلي الحالي – علينا أن نفهم قصة سلالته، والتي تبدأ بالطبع في زمن الديناصورات. "الطيور الحالية، من كافة أنواع الطيور التي نراها - من النعام إلى العصافير - هي في الواقع ديناصورات تمكنت من النجاة من الانقراض الجماعي" يوضح الدكتور عاموس بلماكر، مدير قسم الطيور في متحف شتاينهاردت للطبيعة.
إحدى مجموعات الطيور تسمى "دجاج الأدغال الأحمر" (Gallus gallus). هذه مجموعة قديمة نسبيًا، ينتشر أعضاؤها في جميع أنحاء العالم وفي البلاد؛ على سبيل المثال، الحجل والسمان والغراب هي أنواع برية من الدجاج. إن دجاج الأدغال الأحمر، وهو من نفس سلالة الدجاج المحلي الذي نعرفه - ينتمي أيضًا إلى هذه المجموعة. إنه ديك ذو ألوان زاهية وذيل مثير للإعجاب تم تدجينه منذ حوالي 4000-10000 عام في جنوب آسيا - موطنه الأصلي، حيث لا تزال مجموعاته البرية حتى اليوم - وانتشر من هناك في شكله المدجن من خلال التجارة.
والآن، بعد أن فهمنا سلالته الأصلية - السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان الديك المدجن هو في الواقع سليل نفس الديك الآسيوي البري، فلماذا هناك مشكلة أن يتزاوجان؟ يقول بلماكر، هناك فرق كبير بين مجموعات الحيوانات أو النباتات التي تشكلت من خلال عملية التطور والانتقاء الطبيعي - والمجموعات التي تشكلت من خلال الانتقاء الاصطناعي للبشر. "التدجين هو عملية تطور متسارعة"، يشرح بلماكر. "يأخذ الإنسان مجموعة من الحيوانات، ويختار الأفراد الذين لديهم الصفات التي يريدها ثم يقوم بتربيتها حتى تستمر هذه الصفات في الانتشار بين أعضائها." على سبيل المثال، في حالة الدجاج، فإن احتياجات الإنسان هي أن تنمو بسرعة، وتضع الكثير من البيض، وتكون قادرة على العيش بمجموعة كثيفة وغيرها - ميزات غير موجودة بالضرورة في الأنواع الأصلية.
لا يؤثر الاختيار الذي يقوم به الإنسان على الصفات الخارجية لتلك الحيوانات المدجنة فقط - والتي يمكن التعرف عليها بسهولة بدون أدوات علمية - ولكن أيضًا على صفات أساسية أهمها التنوع الجيني. "التنوع الجيني للمجموعات المدجنة هو أقل بكثير من الأنواع البرية لأننا نختار فقط أفرادًا معينين". "وهكذا، في النهاية، يتم إنشاء مجموعات كبيرة من الأفراد الذين لديهم قدر كبير من التشابه الجيني."
لفهم الوضع الجيني لأنواع الدجاج القديمة، قام الباحثون في الدراسة الجديدة باختبار الحمض النووي (المادة الوراثية) لـ 51 دجاجة مدجنة مقابل الحمض النووي لـ 63 فردًا بريًا من دجاج الأدغال الأحمر. من بين العينات البرية، أخذت 45 عينة جينية من عينات عاشت قبل حوالي 100 عام وتم حفظها في متاحف الطبيعة (في المملكة المتحدة وسنغافورة) – أما بقية العينات فقد أخذت من دجاجات عاشت في البرية في العقود الأخيرة.
الحيوانات المستنسخة
إذن، إلى أي مدى "تلوثت" جينات دجاج الأدغال الأحمر بجينات الدجاج المدجن؟ اكتشف الباحثون أنه على الرغم من أنه قبل 100 عام، كانت تُنسب فقط نسبة قليلة من الحمض النووي للدجاج البري إلى تلك المهجنة مع الدجاج المدجن - اليوم 20-50 في المائة من الحمض النووي للدجاج البري هي من الدجاج المدجن. نتيجة لذلك، وفقًا للباحثين، تدهور التنوع الجيني للدجاجات البرية إلى عُشر التنوع الذي كان عليه قبل 100 عام. يفسر الباحثون التغيير السريع الذي حدث في القرن الماضي بفقدان مكان التربية الطبيعي لدجاج الأدغال الأحمر في آسيا الاستوائية - التي تتوسع فيها المزيد والمزيد من أماكن السكن، ومعها الدجاج المدجن.
يقول بلماكر "قد يشكل الموقف الذي تم وصفه في البحث مشكلة بالنسبة للدجاج البري لأنه يحصل على ميزات ليست بالضرورة مناسبة للحياة في البرية - وهذه العملية قد تضر بها". "بالإضافة إلى ذلك، فإن الاختلاف الوراثي يجعل الدجاج أكثر عرضة للأمراض." ويضيف بلماكر "توجد مشكلة مماثلة أيضًا في إسرائيل: فعدد القطط البرية لدينا في خطر بسبب التزاوج مع قطط الشوارع المدجنة - وهي عملية تؤدي إلى فقدان الجينات الأصلية التي تطورت منها". وهذه الظاهرة هي أيضا تسبب مشكلة، " فالمجموعات البرية تحمل جينات يمكن أن تساعدنا عندما نفقد صفة معينة في الأنواع المدجنة من الحيوان أو النبات - على سبيل المثال، مقاومة الجفاف في نبتة الطماطم – في هذه الحالة يمكننا استخدام الجينات الموجودة في الكائنات البرية وبمساعدة الهندسة الوراثية يتم إدخالها في دجاجنا أو طماطمنا""في وضع مثل الوضع الموصوف في الدراسة، تضرر هذا التنوع الجيني بشدة."
كيف يمكننا تدارك المشكلة؟
من الممكن أن يؤدي التكاثر المكثف وغير المسؤول للدجاج المعد للأغراض الغذائية إلى انقراض نوع الدجاج الذي تطورت منه والتي قد يحتاجون إليه في المستقبل للبقاء على قيد الحياة (كما ذكرنا، بمساعدة الهندسة الوراثية - أو من خلال تهجين). في مثل هذه الحالة، ستنضم هذه المشكل إلى قائمة طويلة من المشاكل الطبيعة (وبالتالي للإنسان) التي تسببها صناعة الأغذية الحيوانية.
في عام 2021، تمت تربية حوالي 26 مليار دجاجة في العالم للأغراض الغذائية. في البلاد، كان استهلاك الدجاج الطازج في عام 2021 هو الأعلى بين جميع دول العالم، حيث بلغ 64.9 كيلوجرامًا للفرد سنويًا. ومع ذلك، فإن صناعة الأغذية الحيوانية لها مساهمة سلبية واسعة النطاق في زيادة تدهور أزمة المناخ، حيث أن 20-25% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي هي من صنع الإنسان تنشأ من هذه الصناعة؛ وهي كمية تعادل تلك المنبعثة من جميع وسائل النقل في العالم. وفقًا للتقديرات، فعن طريق التحول إلى نظام غذائي نباتي، يمكننا تقليل ما يصل إلى 70% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المتعلقة بإنتاج الغذاء في العالم بحلول عام 2050.
وإذا عدنا إلى حالة دجاج الأدغال الأحمر، فما هي الطريقة التي يمكننا بها حمايته؟ يقول بلماكر "إن أفضل حل هو تقليل الاتصال بين المجموعات البرية والمجموعات المدجنة". ويضيف، بغض النظر عن نظرتنا إلى الوضع - نحن في مشكلة. "ركز الباحثون في الدراسة الجديدة كثيرًا على الزاوية البشرية - التي ترى الدجاج البري على أنه مجموعة من الجينات التي يتم فقدها. بصفتي من محبي الطبيعة، من المهم بالنسبة لي أن أنظر إلى الموقف من" زاوية الدجاجة ومن زاوية الطبيعة التي تزول، وفي كلتا الحالتين، تشير هاتان الزاويتان إلى مشكلة تتطلب حلًا"، كما يستنتج.
أعدت المقال زاڤيت - وكالة الأنباء التابعة للجمعية الإسرائيلية لعلوم البيئة والبيئة
[email protected]
أضف تعليق