الخجل شعور يصيب الإنسان، ويسيطر عليه في درجات مختلفة، تتفاوت بين البسيطة والشديدة جدا، بحيث تؤثر بحسب حدّتها على حال الإنسان النفسي والسلوكي، واندماجه في المجتمع. فيشعر معها الشخص بنقص او عيب، يدفعه للشعور بعدم القبول من الآخرين، وكأن الإنتباه كله مسلّط عليه فيتلعثم ويتعرق ويشعر بعدم الراحة.

من منا لم يمر به هذا الشعور، في وقت ما أو مرحلة ومناسبة ما. والخجل الإيجابي غالبا ما يكون دافعا للإنسان لتطوير مهاراته، وتحدي نفسه، ومواجهة الاحاسيس المرافقة لكل موقف جديد بثقة عالية يكسر معها شعور عدم الراحة المرافق،ليكون الخجل في هذه الحالات محفزا إيجابيا.

أما الخجل السلبي، الذي يتفاقم بدرجاته، فيصبح رهابا إجتماعيا. وهو شعور تتدهور معه الصحة النفسية للشخص ويؤثر على سلوكه واندماجه في المجتمع وبالتالي على نجاحه وعطائه.

إذا ما تم مقاربة الوضع الاول للإنسان منذ الولادة، وجد الباحثون أن الإنسان يخلق وفي داخلة بذرة الخجل، فهو في جزء منه بيولوجي وراثي، غير أن تنميته وتفاقمه واستفحاله أو السيطرة عليه تعتمد على التربية ، البيئة الإجتماعية، والظروف والأحداث التي يمر بها الإنسان ووقعها عليه.

الاسباب

يشكل الخجل هاجسا عند الأهل الذين يعاني اولادهم منه، ويؤثر بالتالي على سلوكهم وعطائهم ونجاحهم. ووجدت الإستطلاعات والدراسات أن الاطفال والطلاب ككل يتعرضون لهذا الشعور ومشاكله، وأكثر الفئات تعرضا وحدة بين الطلاب هم تلاميذ المرحلة المتوسطة. ولعل تصنيف الاسباب التي تزيد من تفاقم هذه الحالة تفيد في استنتاج الحلول والعلاجات. وهذه مجموعة من اهم الاسباب: - الحماية الزائدة من قبل الأهل، التي تجعل من الطفل او الطالب معتمدا على غيره دائما، فاقدا الثقة بنفسه، عاجزا عن مواجهة مشاكله حتى البسيطة منها، او حتى التعامل مع المواقف التي يتعرض لها. - التقليد أو التماهي بأحد الوالدين او أحد المقربين الذين يعانون من هذه المشكلة. - التعرض للنقد الدائم والتوبيخ والتحطيم كلاما وسلوكا، من المقارنة بالغير إلى الشتم، والتقييم بعدم الجدوى أو الفائدة. وكذلك الوجود ضمن أسرة يكثر العنف فيها والصراخ والخوف وتكثر مشاكلها.

- وجود مشكلة صحية جسدية او خلقية تمنع الطالب من الظهور بالمظهر العادي كالبقية، او تمنعه من القيام بالأنشطة والالعاب وغيرها، ما يخلق لديه شعورا بالإختلاف الذي يولد درجات عالية من عدم الرضى والخجل، خوفا من رأي المجتمع المحيط ونظراته.

- عدم ملاحظة المربين لهذه الحالة، وسوء الإعتناء بها. بحيث يتم التوجه إلى هؤلاء التلاميذ بالقسوة لتغيير السلوك او المشاركة. فيوجهون ملاحظاتهم وتأنيبهم لهؤلاء التلاميذ على الملأ ما يزيد من تفاقم الحالة.

- المضايقة والتنمر الذي يتعرض له الطالب من زملائه أو إخوته او حتى مجتمعه القريب، ما يزيد من عدم ثقته بنفسه.

- الشعور بعدم الأمان، وهنا تتفاوت الأسباب وتتراكم، وتؤدي بالطفل أو الطالب إلى الإنزواء والوحدة، واحيانا إلى رفض الذهاب إلى المدرسة والبقاء في في دائرة الراحة لديه.

الحلول

وفي مقاربة هذه الأسباب نخلص إلى توصيف بعض الحلول التي يجب إتباعها لمساعدة الطالب المصاب بالخجل الزائد أو الرهاب الإجتماعي: - التوكيدات والتحدث مع الذات، وهي بتمكين الطالب من مفهوم وإرشاد يمكنه من خلاله تمنية ثقته بنفسه عبر التوكيد والإنطلاق لمواجهة مواقف الحياة دون خوف وبمخزون عالي من الإعتداد بالنفس.

- التحصين والتعزيز: من خلال الإرشاد اولا لسهولة موقف ما، وتعريض الشخص تدريجيا لهذه المواقف والثناء على طريقة معلاجته لها بالمدح لهادف والصدق والمحفز وحتى بمكافأة ما.

- التكليف بمهمات، ولعب الأدوار، بحيث يعهد المربي إلى الطالب الخجول بالقيام بمهات تبدأ بالبسيطة إلى المتوسطة، ويضعه في خانة من الأهمية والتحقيق التي تزيد من اعتداده بنفسه. - العلاج باللعب والمسرح والموسيقى والرسم، وهي أمور فيها من الاختصاص والنتائج ما يخلق فوهة في جدار الخجل يخرج معها المصاب إلى طاقات وابداعات تمكنه من التغلب على شعوره و تترك لديه شعورا بالإعتداد والتميز. - اللجوء إلى أخصائي سلوكي نفسي، في المدرسة او خارجها ، يتابع وضع الحالات المتفاقمة ويجترح الحلول والأساليب الناجعة للمساعدة. - التعاون بين المدرسة والأهل لاتباع مقاربة وأسلوب مشابه في معالجة الأمور، والتنبه لوجود سلبيات في المدرسة او المنزل وتفاديها والعمل على حلها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]