بقلم: د.محمد حيدر
نشهد في الأيام الأخيرة أزمة كبيرة بين جهاز التعليم متمثلا بوزارة المعارف وبين جهاز الصحة بكل ما يتعلق بقرارات وزارة الصحة حول الإجراءات الاحترازية والتعليمات، مع الارتفاع بعدد الإصابات في الڤيروس نتيجة لظهور متحور اوميكرون اللذي هيمن على الجائحة وأثبت أن بأستطاعته الانتشار بصوره خيالية، هذا الصراع بين الأطراف أدى في طبيعة الحال إلى ضياع وتشتت الأهل والطلاب وبتنا نرى دعوات إلى إغلاق المدارس والعودة إلى نظام التعلم عن بُعد كونها الوسيلة الوحيدة المتاحه في هذه الفترة.
ولكن السؤال اللذي يطرح نفسه، هل سبق عبر التاريخ وشهدنا أن إغلاق المدارس ادى إلى انخفاض مؤشر العدوى ؟
في الحقيقه أدى انتشار الأمراض المعدية السابقة إلى إغلاق المدارس على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، مع مستويات متفاوتة من فعالية الاغلاق على انتشار الأمراض، على سبيل المثال خلال جائحة إنفلونزا 1918-1919 في الولايات المتحدة، ارتبط إغلاق المدارس وحظر التجمع العام بانخفاض معدلات الوفيات الإجمالية،كان لدى المدن التي نفذت مثل هذه التدخلات في وقت مبكر تأخيرات أكبر في معدلات الوفيات الكبرى.
خلال جائحة أنفلونزا H1N1 عام 2009، نجحت بلدان عديدة في إبطاء انتشار العدوى من خلال إغلاق المدارس، حيث ادى إغلاق المدارس في اليابان الى تقليل عدد الطلاب المصابين خلال انتشار الفيروس؛ ولكن لم يثبت أن إغلاق المدارس قد أدى إلى انخفاض كبير في العدد الإجمالي للطلاب المصابين.
معطيات هامة حول تأثير جائحة فيروس كورونا على النظمَ التعليمية
فيما يتعلق بجائحة كورونا فإنه وحسب المعطيات فإن تأثير جائحة فيروس كورونا 2019-20 طال النظمَ التعليمية في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى إغلاق المدارس والجامعات على نطاق واسع.
منتصف العام 2020، أعلنت الحكومات في 73 دولة إغلاق المدارس، بما في ذلك 56 دولة أغلقت المدارس في جميع أنحاء البلاد و17 دولة أغلقت المدارس داخل نطاق محدد وفيما يتعلق بمدى نجاعة الاغلاق فإن هناك انقسام بنتائجه وتأثيره على انخفاض مؤشر العدوى فهناك معطيات تؤكد أن الأغلاق أدى إلى انخفاض في عدد الطلاب المصابين وبالتالي أدى إلى انخفاض بعدد الاصابات الكُلي وهناك معطيات أخرى تشير إلى أن الاغلاق لم يكن له تأثير بتاتا بل بالعكس مع انتهاء الاغلاق والعوده إلى المدارس زادت النسبة كثيرا في الأيام الأولى من العوده.
هذا كله فيما يتعلق بالأرقام والمعطيات الجافة كحالات الاصابة ولكن علينا أن لا ننسى الآثار المباشرة التي تعود على الأطفال والشباب نتيجة لإغلاق المدارس والمعاهد التعليمية، والتي تثير لدى جميع المختصين القلق الكبير.
هناك خسائر في التعليم، انقطاع التعليم سيؤدي إلى حدوث اضطراب كامل في حياة العديد من الأطفال
فهناك خسائر في التعليم، انقطاع التعليم سيؤدي إلى حدوث اضطراب كامل في حياة العديد من الأطفال، وأهاليهم، ومعلميهم، هذا الاضطراب من شأنه أن يؤدي إلى اعتلال في التركيبة النفسية للطالب، سيزيد من المشاكل الأسرية في البيت بالإضافة إلى اكتساب الطالب إلى عادات لم يسبق له اكتسابها من قبل ، الخمول ،ساعات النوم الطويله،التلفاز لوقت طويل،تضيع الوقت خلف شاشات الحواسيب والالعاب ناهيك عن صفحات التواصل الاجتماعي.
أضف إلى زيادة معدلات التسرب من الدراسة فلا تزال معدلات التسرب مرتفعة جداً في العديد من البلدان، ومن شأن انقطاعهم عن التعلُّم لمدة طويلة أن يزيدها وهذا ما شهدناه بعد الاغلاق الأول إذ أن العديد من الطلاب لم يعودوا إلى المدارس وقرروا البقاء في البيوت.
الطالب في كل المجتمعات وخاصة في مجتمعنا العربي لا يذهب إلى المدرسة لتعلم الرياضيات والعلوم وحسب، ولكنه يذهب كذلك ليقيم علاقات اجتماعية ويتعامل مع أقرانه ويطور من مهاراته الاجتماعية. ولذا من الضروري الحفاظ على التواصل مع المدرسة بأي وسيلة لازمة.
قد يكون إغلاق المدارس فعالاً في إبطاء انتشار المرض على وجه السرعة ما اذا أتخذ بمراحل مبكره، ولكن عندما يحدث إغلاق المدرسة متأخراً بالنسبة لتفشي المرض، فإنها تكون أقل فعالية وقد لا يكون لها أي تأثير على الإطلاق.
الحل بكل ما يتعلق بجهاز التعليم هو ابقاء الأمر على ما هو عليه
لذلك،اعتقد ان الحل بكل ما يتعلق بجهاز التعليم هو ابقاء الأمر على ما هو عليه، ممارسة الحياة التعليمية مع الحفاظ على التعليمات من التباعد الاجتماعي والتعقيم بالإضافة إلى التطعيم وهنا تقع المسؤولية كلها على ذوي الطلاب، عليهم أن يعوا أن السبيل الوحيد في هذه المرحلة الحرجة هو التطعيم وخاصة بعد أن تأكدنا من خلال الابحاث العديده اللتي أجريت على الأطفال أن التطعيم آمن وناجع.
بالمقابل على وزارتي الصحة والتعليم أن يخرجوا بتعليمات مُتفق عليها،هينة ومفهومة لجميع الناس مع الاخذ بإستشارة المختصين في الحقل من رجال الصحة والتعليم كالمعلمين والمدراء وغيرهم ممن يُخالط ويتعامل مع الطلاب وأهاليهم بشكل مباشر.
وكلمة اخيرة أنهي بها وأقول اني ما زلت متفائلا أنه مع العسر يسرا ومع الشده فرج بإذن الله وأننا إلى نهاية هذه الجائحة أقرب وأقرب وظهور المتحورات الضعيفة هو خير مثال ولكن علينا دائما الحيطة والحذر والأخذ بالاسباب.
[email protected]
أضف تعليق