ما يشهده النقب من اعتداءات متكررة ليس بجديد على أحد ولا وليد الصدفة، بل هي سياسة ممنهجة متعاقبة بدأت منذ قيام الدولة وتزداد حدّتها ووتيرتها يوما بعد يوم ونعيشها بشكل يومي على مدار عقود.
ندرك جيدا ما تريده المؤسسة وتسعى اليه من تهويد للنقب وتجميع أكبر عدد من عرب النقب على اقل مساحة سواء من خلال نقل وتجميع سكان قرى غير معترف بها لداخل البلدات المعترف بها واعادة فرض الحكم العسكري بطريقة او بأخرى وغيرها من السياسات التمييزية
ندرك كل هذه الأمور ونعلم حجم المخطط، ولكن يبقى السؤال الأهم هل نعلم نحن ما الذي نريده من أنفسنا؟ وما هي الادوات المتاحة التي نعمل من خلالها لردع وإفشال ما يحاك ضدنا؟
لمواجهة التحديات القائمة والتغلب عليها علينا مصارحة انفسنا بواقع الحال المتردي سياسيا واستخلاص العبر والاستفادة من دروس الماضي والانتقال من مرحلة ردود الفعل والتصريحات وسياسة اطفاء الحرائق هنا وهناك الى مرحلة التخطيط المهني والمبادرة والعمل بصورة مهنية مع خطة عمل واضحة المعالم والأهداف، وان تطابق اقوالنا افعالنا ومخاطبة الناس بالواقع بصدق وشفافية، اذ ان غالبية ما نقوم به اليوم على ارض الواقع عبارة عن ردود فعل لا اكثر ردا على سياسات ترسم وتحاك وتخطط ضدنا على مدار سنين وعقود طويلة دون خطط عمل ممنهجة ومنظمة من قبلنا نحن أصحاب الشأن.
وعليه فإن اول ما يجب ان نسعى اليه، مأسسة وتنظيم النشاطات المهنيّة, المتابعة والاستمراريّة: المتابعة في الفعّاليّات والاستمرار في التّحشيد على المستويات التّالية: القانوني, البرلماني, الميداني،الاعلامي والتخطيط، وذلك من خلال المجلس الاقليمي للقرى الغير المعترف بها ولجانه المحلية المتمثلة في كل قرية ،وعدم ركن الامور للجانب السياسي فقط واهمال الجانب المهني والذي يعتبر الاهم والمكمل للجانب السياسي والذي لا يمكن مواجهة مخططات المؤسسة الا بتخطيط بديل وبكادر مهني يستطيع رسم السياسيات والخطوط العريضة للعمل ، وايجاد ادوات عمل تُحدث نقلة نوعية بأساليب النضال الشعبي والجماهيري ولنصدق انفسنا القول بأنه طالما لا يوجد كادر مهني ذو خبره ميدانية واسعة فأننا سنبقى في نفس المكان بل ربما سيزداد الوضع سوءا.
اما على الصعيد السياسي فالمطلوب وحدة الصّف الممثلة بلجنة التّوجيه بجميع مركّباتها وإعادة بناء الثّقة بين القيادة وأهل النّقب ولتكون العنوان الأوحد لأهل النقب بجميع اطيافه ومركباته السياسية والاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني، ووقف المناكفات والمراشقات السياسية التي تضر الجميع ولا تخدم أحد حتى الاحزاب أنفسها، اذ ان ما يحدث اليوم في النقب يُلزم الجميع بوضع الخلافات جانبا والعمل سويا في سبيل ايجاد الحلول للأخطار المحدقة بنا والابتعاد عن المناكفات التي لن تزيدنا الا تفككا وضعفا وتشرذما.
ان ما يحدث اليوم في النقب وواجب التصدي له مسؤولية الجميع وفي مقدمة ذلك مسؤولية اهل النقب انفسهم، اهل الارض والمكان، ملح هذه الارض، ومطلب الساعة توحيد الكلمة وأن لا نكون كالأيتام على موائد اللئام فمخطط الاقتلاع والتهجير ليس مخطّط موضعي وليس قضيّة شريحة واحدة في النّقب، بل هي القضية المركزية التي تحتم علينا الوحدة والتعاون في سبيل تعزيز مكانتنا السياسية والاجتماعية وتحصيل حقوقنا القومية والمدنية.
ابراهيم النصاصرة
مبادر-اقتصادي اجتماعي - سكان بلدة اللقية في النقب
مؤسس ورئيس مجموعة تمام للمبادرات الاقتصادية
[email protected]
أضف تعليق