مع افتتاح العام الدراسي الجديد، يعود التلاميذ وهم مثقلون بكتبهم الدراسية على أكتافهم، وهذا ما يسبب لهم معاناة وآلام في الظهر وانحناءات على المدى الطويل في الظهر، وذلك نتيجة للأوزان الثقيلة الناتجة عن الكُتب المدرسيّة والقرطاسيّة الموجودة داخل الحقائب وغيرها من الأوزان، التي يجهل الأهل والمدرسة تأثيرها على الطالب في الغالب، فما هي مضار ومخاطر الحقائب المدرسية على جسد الطالب، وأين يكون الضرر بشكل خاص؟

موقع بُـكرا، التقى مع د. جريس حكيم وهو مختص في طب العظام ومدير قسم جراحة العظام في مستشفى الناصرة- الإنجليزي، وهو واحد من طاقم الأطباء (د. رجا حكيم، د. خالد أصلان ود. صقر خمايسي) الذين عملوا بحثًا ودراسة على نحو أكثر من 1500 طالب من 4 مدارس ابتدائيّة في الناصرة (حكوميتان وأهليتان)، ومن خلال هذا اللقاء سوف نتحدث معه عن البحث ونتائجه الخطرة على صحة التلاميذ.

دراسة أجريت على 1577 تلميذ/ة...

أكد د. جريس حكيم في بداية لقائه، قائلاً: " مسألة الحقائب المدرسيّة شائكة ومستمرة منذ سنوات عديدة وفي كل عام نحاول التطرق له، وتقديم النصائح المطلوبة للجهات المسؤولة، والتي مبنية على أساس بحث علمي، ولكن للأسف قسم من هذه النصائح، وهي قليلة التي يتم تنفيذها، ولكن الغالبية الكبرى نضطر إلى العودة عليها عام بعد عام".

وتابع: " تشير الأبحاث أنه من بين 24-37 % من التلاميذ يعانوا من آلام في الظهر أثناء ذهابهم من البيت الى المدرسة، وهذه الأبحاث أجريت على مستوى عالمي، حيث تطالب منظمة الصحة العالمية ألا يزيد وزن الحقيبة عن 10% من وزن الطالب، رغم أنه في بعض الأماكن سمح إلى حد 15%.

وبدورنا قمنا ببحث خاص بمجتمعنا الذي شمل نحو 1570 طالبة/ة وهم طلاب من الصف الأول حتى السادس ابتدائي، من أربع مدارس، حيث اخترنا مدرستين حكوميتين ومدرستين أهليتين، حتى تكون المعطيات في البحث شاملة، ولديها مصداقيتها.
البحث كان لمدة عامين، اعتمد في سنته الأولى على:

يشير د. جريس حكيم: " في العام الأول من البحث، قمنا بفحص وزن كل تلميذ مع حقيبته، وسجلنا هذه المعطيات داخل جدول وحفظها، الذي من خلاله عرفنا مدى الفرق بين الميزان المتبع وبين الواقع في الكثير من الصفوف.

بعد مرور عام، عدنا الى نفس المدارس وقمنا بتوزيع استمارة على نفس التلاميذ الذي أجرينا لهم فحص أوزانهم مع الحقيبة، هذه الاستمارة تم ارسالها للأهل وهو مكتوبة باللغة العربيّة التي فيها أسئلة متعلقة بمعاناة أبنائهم/ن من أوجاع الظهر، وفي حال قاموا باستشارة طبية، لمعرفة أسباب معاناة أبنائهم من أوجاع الظهر".

وصلتنا 650 استمارة معظمها كان التلاميذ يشكون من آلام في الظهر!

وتابع دكتور جريس حكيم: " من بين 1577 تلميذ/ة شاركوا بالبحث، وصلتنا نحو 650 استمارة، التي أشار فيها معظم الأهل أن أولادهم يعانوا من آلام في الظهر، ونحن بدورنا عدنا الى ملف نفس الأولاد وقمنا بمقارنة أوزانهم التي أجريناها قبل عام وجدنا أن معظمهم يعانون من آلام في الظهر، وأنه أصبح لديهم انحراف بوزن الحقيبة المطلوب وبين الوزن الفعلي لكل تلميذ، حيث ظهر أن التلاميذ الذين كانوا يحملوا حقائب أكثر من نصف وزنهم هم من كان يعاني من آلام بالظهر خلال السنة، ونتيجة البحث تشير الى مدى تأثر التلميذ/ة بوزن الحقيبة وهذا البحث كان فقط لمدة عام، حيث توجب علينا ارسال مكاتيب للجهات المسؤولة لإعلامهم.

رسالة الى الجهات المسؤولة من بينها بلدية الناصرة... تشمل نصائح لمعالجة المشكلة...

وعلى ضوء هذه النتائج، قال د. جريس حكيم: " أنه تم التوجه برسالة إلى كل الجهات المسؤولة والمعنيّة، وصلت نسخ منها إلى:-
رئيس بلديّة الناصرة علي سلام، إلى وزارة الصحة، مسؤول وزارة الصحة في وزارة المعارف، مديري/ات المدارس التي تم اجراء البحث فيها، وقمنا بشرح المشكلة وكيفية معالجتها ".

ولفت دكتور جريس حكيم أنه بالإضافة إلى وزن الحقيبة، هناك طريقة حمل خاطئة للتلاميذ لها حيث يجب:

1. على الأهل شراء حقائب لأولادهم مطابقة للمعايير الصحيّة.
2. عدم حمل الحقيبة بحمالة كتف (شيال) واحدة، يجب أن يحملها بكلا الحمالتين. لأنها تتسبب باعوجاج في العامود الفقري.
3. يجب أن تكون الحقيبة متلاصقة مع ظهر التلميذ/ة.
4. يجب ملاءمة الحقيبة لجسم الطفل، ألا تكون أكبر من حجمه.
5. ألا يزيد وزنها عن 10-15% من وزن الطفل، فلا يعقل أن يكون وزنه 15 كليو غرام ويحمل حقيبة تزن 7 كليوغرام!
6. يمنع أن يرتدي التلميذ/ة الحقيبة بشكل منساب عن الظهر، حيث تصل الحقيبة إلى ركبه، من خلال توسيع حمالات الكتف (سحل الحمالات إلى منطقة الخصر).
7. يجب أن تكون الحقيبة بين الكتفين ومنطقة أعلى الظهر.
8. يجب ترتيب الحقيبة، بشكل أن تكون الكتب ثقيلة الوزن قريبة من منطقة الظهر.
9. يجب أن يقوم كل تلميذة/ بتغيير جدوله اليومي، وتعريب الكتب غير اللازمة ووضعها في البيت ويحمل الكتب والقرطاسية اللازمة.
10. إمكانية تجهيز خزائن بكل مدرسة لكل تلميذ/ة حتى يتم حفظ الكتب ثقيلة الوزن فيها، بدلاً من حملها في الحقيبة.
11. اقتراح أن تتم مضاعفة الكتب الثقيلة وتتكفل المدرسة باقتناء لكل تلميذ/ة هذه الكتب في حال تعذر وضع خزائن، بدلاً من حملها في الحقيبة.

إعلانات توعية للوقاية من فايروس كورونا... دون الالتفات الى مشكلة أوزان الحقائب المدرسيّة...

في الوقت الذي تخصص فيه كل من وزارة الصحة ووزارة التربيّة ميزانيات للوقاية من فايروس كورونا في المؤسسات التربويّة يجدر بها أيضًا أن تخصص ميزانيات للتوعيّة من مخاطر أوزان الحقائب على الطلاب، والبحث في إيجاد حلول لحماية الطالب من هذه القنبلة الموقوتة التي يحملها بين كتفيه وتسبب له بآلام وانحناءات في الظهر على المدى البعيد.

أين دور وزارة الصحة والتربيّة بهذا الشأن؟

ورد د. جريس حكيم حول سؤالنا هذا قائلاً: " لقد قمنا بإرسال هذه النتائج إلى المسؤول عن ملف الصحة في وزارة المعارف، حيث يوجد قسم بوزارة المعارف تابع لوزارة الصحة، الذي يشمل البحث الذي عملنا عليه والتوصيات التي قمنا باقتراحها، بالإضافة إلى الجهات المسؤولة التي ذكرناها أعلاه لم يكن هناك تجاوب كبير، رغم أننا طرحنا مشكلة جديّة لها تأثير على صحة التلاميذ، وحسب رأيي يجب أن يكون جهد مشترك من الهيئات العامة، وخاصة إدارة المدرسة وهيئة التدريس ومربي ومربيات الصفوف والأهل لأنه يجب ان يكون تعاون مع كل هذه الأطراف هناك الكثير من الأمور التي يمكن ان نقوم بها من خلال وضع خزائن في المدرسة لحفظ الكتب، بالإضافة الى مراقبة الاهل لأبنائهم في كيفية حمل الحقيبة، وتطبيق النصائح التي ذكرناه أعلاه.

ونحن على استعداد أن نقوم بعمل جولة لأيام دراسية في المدارس من أجل التوعية.

حقائب جرارة...

وحول حل الحقائب الجرارة، قال د. جريس حكيم: " هذا النوع من الحقائب ليس مناسبًا لجغرافية مدينة الناصرة، التي قمنا باجراء الدراسة في مدارسة، بسبب أولا، جغرافية المدينة غير المستويّة، بالإضافة إلى البنى التحتية في شوارعها وأرصفتها المبنية من الحجر، وهي مناسبة للجر في الأسفلت، أو أحيانًا كان بعض التلاميذ ينزلقوا أو يتعثروا خلال جر الحقيبة في الشارع وكان الأمر عرضهم لخطر الدهس في بعض الأحيان.
أو ربما يضطر التلاميذ في الكثير الأحيان بجرها وهو يصعد درج المدرسة، وهذا شاق عليه ويزيد من ثقل الحقيبة على أكتافه.

نصيحة للأهل

وفي النهاية أسدى د. جريس حكيم رسالة للأهل، قائلاً: " نصيحتي للأهل أن يراقبوا كيف يحمل ابنهم/ ابنتهم الحقيبة وأن يقوموا بتوعيتهم في كيفية حملها، مراقبة ماذا تحتوي من كتب وقرطاسية، وتغير الجدول اليومي وعدم تراكم الكتب في الحقيبة، ووضع الكتب غير اللازمة في البيت.

بالإضافة الى أن هناك مسؤولية على المديرين والمدارس والمعلمين تجاه التلاميذ في حال لاحظوا ان تلميذ يحمل حقيبة بشكل مخالف ويتعرض لصحة ظهره عليهم الاهتمام بلفت نظره والشرح له خطورة ذلك وشرح أسباب والضرر الذي يمكن أن يتسبب له بآلام الظهر والنمو مهم توعية الطلاب وأكد الأمر بحاجة الى جهود مشتركة من أجل توصيل الحفاظ على سلامة الطالب.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]