صحيح ان هذه حكومة غريبة وعجيبة في تركيبتها، تجمع ما بين اقصى اليسار واقصى اليمين الاسرائيلي، وتحتوي لأول مرة على حزب عربي. يسمونها حكومة وحدة وطنية، ولكنها ليست كذلك، بل هي حكومة تناقضات مبنية على ادنى اسس التوافق.
وفي ذات الوقت، فهي حكومة مصالح الاحزاب التي تركبها، فبدونها ستضعف غالبية الاحزاب في حال الذهاب الى انتخابات، بل وان خطر الذوبان الكلي قد يلحق ببعضها. فلذلك نرى تشبثهم، احدهم بالآخر، لكي لا يكون سقوط جماعي، ينتهي بضحايا سياسيين كثر من بينهم، ويعود سيناريو نتنياهو من جديد من خلال انتخابات خامسة قريبة.
هم يحتاجون الى سنتين على الاقل، لكي يحصِّلوا بعض الانجازات التي يستطيعون التفاخر بها امام جمهور ناخبيهم، ولكي يثبتوا انها لم تكن فقط حكومة مضادة لنتنياهو، انما لانقاذ الاقتصاد، وخلق جو اجتماعي اقل تقطباً، ولعرض املٍ جديد للمواطن من خلال انتخابات مقبلة.
نتنياهو وزمرته سيعملون كل ما سيقدرون فعله لكي يحرجوا الحكومة، ويضعوها في امتحانات صعبة، تتطلب تنازلات من مركبات الائتلاف. وهذا سيكون امتحان شبه يومي للحكومة. سيتوجب عليهم إما التوصل الى توافقات جديدة، أو انهم سيضطرون لاعتماد تأجيل بعض القضايا والتشريعات، أو انهم سيقبلون الخسارة في بعض الاحيان. ولكنهم سيترابطون من جديد لصد كل تصويت لحجب الثقة لخوفهم من انتخابات قريبة.
هذا الوضع يعطي مساحتين هامتين للمناورة السياسية، احداهما للقائمة الموحدة للتأثير من الداخل، والثانية للقائمة المشتركة لاقتناص الفرص التي قد تطفو قبيل كل تصويت، وذلك عندما تحتاج الحكومة لشبكة أمان لضمان اغلبية في اللجان والهيئة العامة للكنيست. ويبقى السؤال: هل سيحسنوا انتهاز هذه الفرص، ام انها ستمر من فوق رؤوسهم.
لا اعتقد ان هنالك انتخابات خلال الاشهر المقبلة، ولذلك لا افهم حدة المواجهة بين الموحدة والمشتركة في هذه الفترة. على كلا الطرفين اثبات قدراتهم وحنكتهم السياسية في تحصيل، اما انجازات عينية في الميزانيات كما تطرح الموحدة، واما في تغييرات بنيوية في هيكلية وطابع الدولة كما تطرح المشتركة.
الهروب الى تراشقات متبادلة، وحرب جانبية مثل موضوع الطحينة في حينه، والآن الى موضوع عضوية لجنة المتابعة، هو للتغطية على فشل محتمل ومتوقع، تخاف منه هذه الاحزاب. ولذلك تفتعل كلا القائمتين احترابات لا معنى ولا مغزى لها. في حين انها مطالبة بتحصيل ملموس على ارض الواقع، وليس تراشق الشعارات التي ارهقت مجتمعنا في السنة الأخيرة.
[email protected]
أضف تعليق