ورد سؤال للجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وهو:
أحيانا أدخل لأصلى في المساجد الكبرى كالجامع الأزهر مثلاً فأجد جماعة في أول المسجد وأخرى في آخره فأتحير أصلى منفردًا أم أتخير جماعة منهم فأنضم لها؟، وجاء رد اللجنة كالآتى:
فالأصل المقرر أن المقصود من صلاة الجماعة هو تحقيق وحدة واجتماع كلمة المسلمين. وصلاة جماعتين فى مسجد واحد تناقض ذلك فضلًا عن أنه يخشى منه التشويش من علو صوت الإمام هنا وهناك وتداخل الأصوات يحتمل معه الخطأ في المتابعة فربما فسدت صلاتهما معاً بسبب ذلك.
قال الحطاب المالكي: إذ لا يشك عاقل في أن هذا الفعل المذكور مناقض لمقصود الشارع من مشروعية صلاة الجماعة وهو اجتماع المسلمين، وأن تعود بركة بعضهم على بعض، وأن لا يؤدي ذلك إلى تفرقة الكلمة، ولم يسمح الشارع بتفريق الجماعة بإمامين عند الضرورة الشديدة وهي حضور القتال مع عدو الدين بل أمر بقسم الجماعة وصلاتهم بإمام واحد). [ مواهب الجليل للحطاب ج1ص440].
ومن ثمَّ فينبغي لمن أتى متأخرا عن الجماعة الأولى الراتبة أن يتأمل المسجد ليعلم إن كان فيه جماعة فينضم لها أو يصلى منفرداً. وهو مؤدى قول الحنابلة والظاهرية وابن المنذر وغيرهم.
قال ابنُ قُدامة: (ولا يُكره إعادة الجماعة في المسجد، ومعناه: أنه إذا صلَّى إمام الحي، وحضر جماعة أخرى، استحبَّ لهم أن يصلُّوا جماعة، وهو قول ابن مسعود، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقتادة، وإسحاق) [ المغنى, ج2ص243].
فإن حدث أن دخل المسجد فوجدت جماعتين في وقت واحد - لا سيما في المساجد الكبرى - التي قد لا يطلع من في آخرها على ما في أولها فتصح صلاة الجماعتين وأيهما انضممت لها فيصح ذلك وهى خير من الصلاة منفرداً لما ثبت من ثواب صلاة الجماعة. ففي الحديث عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ على صلاةِ الفذِّ بسبعٍ وعِشرينَ دَرجةً). رواه البخاري.
وإن علم القائم بالجماعة الثانية بوجود الجماعة الأولى فيكره له أن ينشئ جماعة ثانية وعليه أن ينضم لها . وفى كل لا تبطل صلاته ومن انضم لجماعته إذا لا نص قاطع على البطلان. وقد ثبت عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنهما فعلا ذلك في صلاة التراويح في المسجد ، حيث جعلا إماماً للرجال ، وآخر للنساء. والله اعلم.
[email protected]
أضف تعليق