تستعد المدارس الابتدائية هذه الأيام لعودة طلاب الصفوف الأولى حتى الرابعة إلى مقاعد الدراسة كجزء من خطة عودة الطلاب التدريجية إلى التعليم. تأتي هذه الخطوة في ظل أنباء مقلقة تناولت معطيات متعلقة بانتشار الكورونا في مجتمعنا العربي في الأسبوع الأخير. سبق ذلك، معطيات مشجعة بسبب الإغلاق والالتزام ووقف البرامج الاجتماعية الجماهيرية.
للأسف هذه المعطيات المقلقة وتوصيات لجنة الصحة وهيئة الطوارئ العربية جعلت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي تمتنع عن المطالبة بتسريع عودة الطلاب إلى المدارس وتركيز الجهود لعودة أمنة للطلاب التي شملتهم الخطة الحكومية. هذه الخطة امتنعت عن رصد ميزانيات جديدة لضمان التعليم الكامل لطلاب الصفوف الأولى والثانية في مجموعات صغيرة ولذلك ستترجم إلى تعليم جزئي حتى لو كان ذلك على مدار خمسة أيام تدريسية في بعض البلدات.
تقع علينا كمجتمع مسؤولية تجاه أبنائنا. علينا ان نضع تعليمهم في رأس سلم الأولويات. للأسف في الكثير من الأحيان يفضل مجتمعنا قضايا أخرى على مستقبل الأبناء وتعليمهم، كالأعراس الكبيرة والمناسبات الاجتماعية بمشاركة واسعة. كذلك مع انتهاء الاغلاق الشامل، بدأت تبرز مظاهر عدم الالتزام بارتداء الكمامات وعدم التباعد الاجتماعي وغيرها من سلوكيات تزيد من احتمال انتشار المرض. هذه السلوكيات سيكون لها أثر كبير على انتشار المرض مع عودة الطلبة إلى المدارس واقتراب فصل الشتاء والأمراض التي تنتشر في هذه الفترة من السنة، ممكن أن يؤدي إلى كارثة.
استمرار هذه السلوكيات له معنى واحد فقط، انه سيؤدي قريبًا إلى إغلاق الصفوف وإرسال أعداد هائلة من الطلاب الى الحجر مع عائلاتهم وبعد ذلك إغلاق كامل للمدارس وربما إغلاق شامل ثالث. الضرر هائل.
خسر طلابنا الكثير منذ بداية أزمة الكورونا. التعليم عن بعد لا يصل الى الغالبية الساحقة من الطلاب وحتى من يصلهم هذا التعليم فلا يكون بنفس جودة التعليم في المدرسة. الضرر التعليمي لطلاب صفوف الأول والثاني سيرافقهم مدى حياتهم التعليمية وسيكون له أثرًا كبيرًا على مستقبلهم. أكثر من 60% من الطلاب العرب تحت خط الفقر. لعائلات هؤلاء الطلاب لا يوجد الإمكانيات لتعويض خسارتهم التعليمية وسيكون هؤلاء للأسف أكثر من يدفع الثمن ولهذا أثار أخرى تتجاوز قضية التعليم. هذه الأزمة ستعمق الفجوة ليس فقط بين العرب واليهود والتي تقدر بحوالي أربع سنوات تعليمية وستتسع خلال أزمة الكورنا، بل أيضا داخل مجتمعنا.
لنتذكر أيضا ان المدرسة هي إطار تربوي من المفروض ان يلبي احتياجات اجتماعية ونفسية للطلاب. للأسف الضغوطات النفسية والاجتماعية على طلابنا في هذه المرحلة هي هائلة ولها إسقاطاتها الكبيرة أيضا على حياتهم ومستقبلهم. انقطاعهم عن المدارس سيزيد من الأضرار عليهم في هذه النواحي.
الفجوات بين التعليم العربي واليهودي هي هائلة بكل المقاييس: نقص الاف غرف التدريس، نقص عشرات الاف ساعات التدريس، نقص في الموارد المخصصة للإرشاد وتأهيل المعلمين وفجوة في الطواقم العربية داخل وزارة التعليم وفجوات كبيرة في تجهيزات المدارس وربطها بالإنترنت وفي الكثير من المدارس في النقب حتى بالماء والكهرباء الخ. إضافة إلى ذلك هناك قضايا المضامين والمناهج والكتب التي تتجاهل هويتنا واحتياجاتنا. كل هذا يحتاج إلى تصعيد النضال في الميادين المختلفة من أجل تغيير هذا الواقع. علينا ان لا نساهم بأنفسنا بتوجيه ضربة إضافية للتعليم العربي بسبب عدم الالتزام وعدم تغيير بعض السلوكيات التي بالإمكان تغييرها. ماذا ننتظر؟ ان نغيرها فقط بالفرض وبالقوة وبالمخالفات. هذا مخجل حقا. لماذا لا نختار ان نعمل بالمنطق الذي يخدم مستقبل اولادنا ويمنع انتشار المرض الذي فتك بألاف الناس وسبب خسائر اقتصادية هائلة وجلب اضرارًا اجتماعية ونفسية لا تقدر بثمن.
المطلوب منا جميعًا القيام بكل ما نستطيع فعله من أجل تهيئة الظروف لعودة الطلاب إلى المدارس ومنع اغلاقها مستقبلًا. المناسبات الاجتماعية ممكن أن تؤجل أو ان تلاءم للواقع الجديد وكذلك الوسائل الوقائية لا تتطلب جهدًا كبيرًا للالتزام بها. والحقيقة أن محاولات البعض لاختصار الحضور قد فشلت وفي الواقع صعب جدا تنظيم فرح او حتى عيد ميلاد ضمن التعليمات الحالية لذلك فالأسلم هو الـتأجيل او الاختصار فقط على المراسيم الرسمية او الدينية.
لنعمل على منع انتشار المرض كي نضمن عودة أمنة للطلاب إلى المدارس الأسبوع المقبل وكي نستطيع المطالبة بعودة بقية الطلاب الى مقاعد الدراسة ونضمن صحتهم وصحة المعلمين والعاملين وكذلك صحة الفئات الأكثر عرضة لخطر المرض.
[email protected]
أضف تعليق