أصدقكم القول بأنّه ليس هناك طلاب فاشلون، لأنَّ الفشل، هو حدث وليس شخص.
إلى رجالات التربية والتعليم، مُدراء ومعلّمين، تتحدثون عن المستقبل، ولكنّكم لا تجهّزون أبنائنا لذلك.
تأمّلوا معي هذه الحقيقة، وحتمًا ستوافقونني الرأي، بأنَّ مُعظم مِهن المستقبل سوف تكون آليّة، وستعمل بواسطة الروبوتات. لذا، يجب أن يكون الأشخاص الذين ينجحون في دراستهم وحياتهم، فضوليون، مبدعين ومرنين للتكيُّف مع التغييرات الجديدة المعاصرة.
ووجهة نظري، أنه ليس هُناك أيّ تركيز في مدارسنا على ذلك. وإنّما التركيز وَبِكُلِّ أَسَف، هُوَ الاهتمام بأن يتقيأ الطالب المعلومات التي يُجبر على حفظها عند الامتحان.
وهذا ما يؤدّي إلى أن يَخشى الطالب الفُضولي أن يُكثر من السؤال، ويهوي به من درجة الطالب المُبدع إلى درجة الطالب الذي ينتظر أمر المعلّم ليُلقّنه المَعْلومة بالأسلوب التقليديّ المُمِلّْ. وهذه حقيقة!
أعزّائي المُدراء والمعلمين، وكلّ من له صلة في مجال التربية والتعليم، هُناك حقيقة أخرى، تمّت دراستها مع أكثر من 1500 مُدير تنفيذي لِشركات متنوعة حول العالم، وهو: أن الإبداع يتجلّى في مهارة القيادة ولن يتمّ التعاقد مع أحد بسبب ما يعرفه.
لأنه لا أحد يهتم بما تعرف أو تحفظ، لأنّنا اليوم نملك في جيوبنا كلّ المعلومات التي نحتاجها، فلدينا جوجل، يوتيوب، برامج التواصل الاجتماعي وتبادل المَعلومات السريعة.
وَمِن خلال هذه الدراسة استنتجتُ أنّه سيتم مستقبلًا توظيف النَّاس بسبب ما يمكنهم فعلهُ بهذه المعرفة!
لأنّ الإبداع ليس في تحصيل العَلامات، الإبداع هو ما يمكن القيام به مع هذه العلامات، والوصول إلى حُلول للمشكلات وكذلك من أجل الابتكارات.
وأصدقكم القول أيضًا: أنّني أبٌ متوتّر وقلقٌ جدًّا الآن، وذلك بسبب المهامّ الآليّة التي يتعلمها أبنائي في المدرسة، والتي وباعتقادي يجب أن تتوقّف وَفورًا، لأّن التعليم عند النهاية هو ضمان وظائف أو حياة مستقلّة آمنة لأبنائنا.
وستوافقونني الرأي حتمًا أنّه لا أحد سَيقوم بوظيفة الروبوت أفضل من الروبوت!
قالَ الملياردير جاك مؤسس موقع علي بابا: لا ينبغي علينا أن نتنافس مع الذكاء الاصطناعي، وبدلًا من ذلك، يجب أنّ نركز على تطوير الذكاء البشري البديع.
إنّ المهامّ المتكررة القائمة على المعرفة يجب أن نتركها ورائنا، فالمعرفة اليوم متوفّرة للجميع وليست بحاجة إلى معلّم، ما يريده أبنائنا من المعلّمين هو تنمية وتعزيز الروح القيادية والإبداع، وتوجيههم إلى ما يمكنهم القيام به مع المعرفة التي يمتلكونها. وإلّا فصدّقوني أنّه في المستقبل، سنجد الكثير من الطلاب يَتخرجون من المدارس والجامعات إلى صفوف البَطالة.
أعرف الكثير من الشركات الكبيرة والمشغّلين اليوم لا ينظرون إلى التحصيلات العلمية ولا إلى الشهادة الجامعيّة رغم أهميّتها، لأنهم عَرفوا أن هذه طريقة قديمة انتهت. فكم من صاحب شهادة جامعية وتحصيلات علميّة عالية يجلس في مَنصب هامّْ لا يعرف كيف يُدير شؤونه ؟!! والواقع يشهد.
وأنقل لكم عن جوجل قولًا من كبار مديري الشركات والمؤسسات: أن المعدّل التَراكمي هو معيار لا قيمة له اليوم للتوظيف!
وبصوت حزين أقول لكم، واسمعوا جيّدًا وأنا أعي ما أقول: إذا واصلتم التدريس على هذا النحو، فأنتم تسرقون المستقبل من أبنائنا.
إذا كنتم تتسائلون لماذا يصاب أبنائنا بالملل داخل الصفّ، ولماذا لا يقدرون على التركيز لمدّة 45 دقيقة، فإليكم الإجابة:
أنت تستطيع أن تجلب الحصان إلى الماء، ولكنّك لن تستطيع ابدًا أن تجبره على شربه! وإن أجبرته سيكره الماء وربّما ستتأذى منهُ. لذلك، يجب أوّلًا أن تجعل الحصان عطشان، من خلال وضع الملح في التبن، ثمّ جرّه إلى الماء.
وهكذا هم أبنائنا، منهم من يأتون عنوة إلى الصفّ ولا يدري المعلّم لماذا لا يستوعب الطالب المواد ولا يدري لماذا يكره القراءة.
لذلك، يجب أن تجلبوا البهجة إلى صفوف أبنائنا، وستفاجؤون عندها بأن الطلاب السيئين لديهم قدرات وإبداعات لا حصر لها، وستكشفونهم على جمال التعليم والتعلّم الحقيقيّ.
أعزّائي المعلّمين، ومدراء المدارس، أنا لا أقصد التَطاول، فقط للتذكير، أنّ وظيفتكم هي أهمّ وظيفة على هذا الكوكب، أنتم تبنون، أنتم تصنعون وأنتم تُنقذون الأرواح. ولذلك خصّكم الله تعالى بآية في سورة المجادلة في الآية 11 فقال: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
انظروا إلى الواقع الأليم، ستكتشفون إن المستقبل بحاجة إلى المزيد من العاطفة والرحمة، وأشخاص ذوو قلوب ملهمة وحكيمة لحلّ الأزمات والنزاعات المحلّية والعالمية.
وإن كنتم حقًّا تهتمون بمستقبل أبنائنا كما تدّعون، عليكم أن تلتزموا تمامًا وتسألوا أنفسكم بصدقٍ: كيفَ سَتُعِدّون أبنائنا للمستقبل غير الموجود بالنسبة لهم الآن ؟!!
[email protected]
أضف تعليق