اسمعوا هذه القصة عن النواب العرب. أعمل مديرًا مشاركًا لجمعية سيكوي، جمعية عربيّة-يهوديّة، تعمل أمام الوزارات لتحقيق المساواة للمواطنين العرب. في شهر حزيران 2016، شاركت في جلسة دراماتيكيّة عُقدت بين ثمانية من النواب العرب ورئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية، الجلسة تمحورت حول تطبيق الخطة الحكومية 922 ولتخصيص ميزانيات للبلدات العربية حيث مارسَ النواب ضغوطات جمّة لتطبيق الخطة والقرار ولزيادة الميزانيات للبلدات العربيّة. علمت لاحقًا أنّ الضغوطات التي مارسها النواب العرّب على رئيس قسم الميزانيات خلال الجلسة وعلى وزارة المالية طوال تلك الشهور أسفرت عن زيادة ملحوظة في الميزانيات للبلدات العربيّة. عند خروجي من اللقاء، وفي طريقي إلى المنزل، سمعت الأكاذيب التي بثّها ليبرمان عبر الراديو حيث قال: "أنّ النواب العرب لا يكترثون لأمر المواطنين العرب ولا يفعلون شيئًا من أجلهم". وكيف أجابه المذيع؟ قال له: "أنتَ مُحق."
أخبركم بهذه القصّة لأنّني أسمع هذا الادّعاء طوال الوقت، ويؤسفني أنّ هنالك من المواطنين العرب من يتبنى هذا الادعاء. يسعى أعضاء الكنيست والوزراء من معسكر اليمين، والمتواطؤون معهم في وسائل الإعلام، إلى نشر أكاذيب مفادها أنّ النواب العرب لا يهتمون إلّا بأمورهم الشخصيّة، لا يفعلون شيئًا ولا يستطيعون التأثير. بحكم عملي، وتواصلي المهني مع موظفين كبار في مؤسسات حكومية مختلفة وأشارك في العديد من الجلسات حول الميزانيات المخصّصة للمواطنين العرب. أؤكّد لكم انّ هذا الادّعاء تجاه أعضاء الكنيست العرب هو ادّعاء مضلّل وتحريضيّ!
يعمل النواب العرب أمام الكنيست، الوزارات ومؤسّسات عامة أخرى بكثافة كبيرة- والأهم من هذا، أنهم ينجحون بالتأثير. فقد رأيت بأنهم قادرون على ممارسة ضغوطات جمّة تسفر، حقًا، عن تخصيص ميزانيات إضافيّة وكبيرة للبلدات العربيّة في مجالات التربية والتعليم، البنى التحتيّة، المواصلات، التخطيط، الإسكان وغير ذلك.
بعض هذه الإنجازات، قد لا تكون ملموسة بشكل فوري، ولكن مهم أن نتذكر انهم لا يستطيعون أن يُصلحوا خلال بعض سنوات اهمالا وتمييزا حكوميًا يمتد منذ سبعين عامًا. مع هذا يمكن ان نرى بداية هذه التغييرات في دخول خطوط حافلات جديدة، بزيادة الميزانيات للمراكز الجماهيرية، بمراكز التشغيل التي اقيمت في البلدات العربية، بدعم الطلاب العرب في الجامعات وفي مجالات عديدة نجح النواب العرب في التأثير فيها على حياة المواطنين العرب.
وهنا أسوق أمثلة سريعة لأبرز الإنجازات التي قدمها النواب العرب: نجحت النائبة عايدة توما-سليمان في تخصيص ميزانيات كبيرة بحكم منصبها كرئيسة لجنة برلمانيّة، ونجح النائب أيمن عودة بالتعاون مع آخرين في التأثير على وزارة المالية للنهوض بالخطة 922، التي تعتبر رغم كل نواقصها، تاريخيّة من حيث اشراك القيادات في القرار ومن ناحية حجم الميزانية المخصّصة للعرب وتعديل آليات تخصيص الميزانيات التمييزيّة. تمكّن النائب أحمد طيبي، وكونه عضوا في لجنة الماليّة في الكنيست، من تخصيص ميزانيات للعرب في مجالات عديدة، وأحدث النائب عبد الحكيم حاج يحيى تغييرًا في مجال حوادث البناء. حقّق النائب يوسف جبارين إنجازات هامة في مجال ميزانيات التربية والتعليم، النائب جمال زحالقة، دفع بالمزيد نحو الميزانيات للسلطات المحلية العربية، ركّز النائب أسامة سعدي جهوده بالتصدي لقانون كمينتس وهدم المنازل، واهتم النائب عيساوي فريج في مجال الميزانيات لمجال الرياضة ومناهضة العنف، والنائبة نيفين أبو رحمون نشطت لتعزيز منالية الخدمات الحكوميّة الرقميّة باللغة العربية. بالإضافة إلى أمثلة عديدة أخرى.
النواب العرب لا يعملون فقط من اجل الميزانيات وانما في القضايا القومية كذلك، رأيتهم في لجان الكنيست يناضلون ويحاربون ضد القوانين العنصرية. ونعم لقد نجحوا في وقف قوانين مثل قانون الأذان. وقد اسمعوا صوتًا واضحًا ضد قوانين اخرى في الكنيست وعبر الاعلام في اسرائيل وفي العالم كذلك. هم ايضَا يسمعون الصوت والمطالب الفلسطينية لانهاء الاحتلال ورفع الحصار عن غزة من على منبر الكنيست ومنابر عالمية
المعادلة تقول انه كلما كان عدد النواب العرب اكثر في الكنيست ستزيد الميزانيات للمواطنين والسلطات المحلية العربية، وسيزيد الدفاع عن المواطنين العرب بحقوقهم اما سياسات التمييز والسياسات العنصرية، اضافة الى ان هذا التمثيل سيرفع صوتًا مهما مناهضًا للاحتلال.
يؤسفني جدا سماع بعض المواطنين العرب يقولون أنّ النواب العرب لا يهتمون لأمر جمهورهم. أعي أنّ حملة التحريض التي يشنّها معسكر اليمين والإعلام العبريّ ضد النواب العرب هي شعواء، ولذلك فقد وصلت إليكم أنتم أيضًا، أيّ إلى الجمهور العربيّ. الهدف من وراء هذه الأكاذيب هو بقاؤكم في بيوتكم في يوم الانتخابات، ومساعدة الأحزاب اليمينيّة على كسب المزيد من المقاعد بغية العمل ضدكم بدلا من حمايتكم.
كشريك لكم في النضال من أجل المساواة، فإنني أنا أيضا أشعر أحيانا باليأس من الوضع السياسي، إلا أنه لا يمككنا أن نمنح اليمين فرصة الاستمتاع بثمار تحريضه ضد ممثليكم في الكنيست. وفي حالة انه في الكنيست القادمة سيزيد عدد اعضاء الكنيست من اليمين ويقل عدد النواب العرب سيكون الوضع في البلاد اسوء بكثير، لنا جميعًا عربًا ويهودا. تصويتكم مؤثر وقوي – إذهبوا للتصويت.
كما أنه - إذا شاركت نسبة كبيرة من المواطنين العرب في الانتخابات، لن يتمكن ليبرمان من اجتياز نسبة الحسم، وستنجحون في إخراجه من الكنيست، هو وجميع الساعين لتهجيركم من البلاد.
* رون جيرليتس هو مدير مشارك لجمعية سيكوي- الجمعية لدعم المساواة المدنية
[email protected]
أضف تعليق