العتب وربما الغضب على الأحزاب العربية مبرر ومفهوم ومشروع بل إن أحد مشاكلنا معها ضعف نقدها من قبل الإعلام والمثقفين. لا يوجد أي مبرر للمزاودات على من يقاطع أو على من يصّوت فما بالك الطعن والتكفير والتخوين. في الحالتين،التصويت والمقاطعة، هذه غير أخلاقي وليس مجديا. ضمن النقاش شبه المفقود بين الطرفين نتوجه بالأسئلة لمن يدعو للمقاطعة : هل الحل الآن أن نحوّل الغضب والعتب لبرنامج سياسي ؟ ماهي تبعات معاقبة الأحزاب العربية بمقاطعة انتخابات الكنيست؟ ألا نعاقب ذاتنا برد فعل يميل للانفعالية أكثر ما هو نتيجة حسابات ربح وخسارة عقلانية ؟ ماذا سيترتب على المقاطعة وعلى سقوط القائمتين العربيتين أو إحداهما ؟ ماذا سيكون في اليوم التالي؟ كيف سيؤثر ذلك على السياسة العربية ؟ ألا تؤدي المقاطعة بهذه المرحلة وضرب الأحزاب العربية لحالة فراغ تتسلل إليها جهات انتهازية وسلطوية ومتصهينة وأحزاب صهيونية ؟ ألا يخشى أن يؤدي ذلك لضرب كل السياسة العربية وتتراجع كل فكرة العمل الجماعي وتخسر أيضا الهيئات التمثيلية والأهلية وعلى رأسها المتابعة ؟ هل فعلا سيبدأ بناء سياسي جديد على مبدأ إذا ما " بتخرب ما بتعمر " ؟ أم أن النتيجة ستكون أسوأ مما نحن عليه لعدم وجود مشروع حقيقي بديل ؟ الليكود وأتباعه يمين صهيوني وكذلك منافسه " أزرق – أبيض " لكن هل الأضرار والمخاطر والتهديدات على الحقوق المدنية والسياسية للمجتمع العربي وربما على وجوده وبقائه (وحمايته من تهجير فعال أو صامت) هي ذاتها في الحالتين بصرف النظر عن هوية الحكومة القادمة .. برئاسة نتنياهو أو غيره ؟
ماهي الخلاصة من تجربة انتخابات 1996 ؟ في تلك الانتخابات عم العتب والغضب الشارع العربي بعدما شن مرشح حزب " العمل " شيمعون بيرس عدوان " عناقيد الغضب " على لبنان وارتكبت خلال مذبحة قانا في نيسان. وبعد نحو الشهرين عاقبت أوساط في المجتمع العربي شيمعون بيرس بمقاطعة الانتخابات فكانت النتيجة أن خسر بيرس وفاز نتنياهو بفارق 30 ألف صوت فقط. لأي مدى تصرفنا وقتها بالغضب والعتب ؟ وهل فعلا لا يوجد فارق جوهري بين بيرس وبين نتنياهو وقتها بالنسبة لقضية الاحتلال للضفة وغزة وبالنسبة للمجتمع العربي من ناحية المواطنة المتساوية والحقوق ؟ ألا يوجد مرّ ويوجد أمّر ؟ أم أنهما سواء ولا فارق بينهما ؟ لو عادت عجلة التاريخ للوراء هل كنا نقاطع مرة أخرى ونعاقب بيرس حتى لو صعد نتنياهو ؟
أليست هذه طوباوية ومثالية في السياسة أن تطلب الأفضل والأمثل أو الانسحاب من اللعبة البرلمانية ؟ ألا نطعم أنفسنا حصرما برد عاطفي يميل للمراهقة السياسية؟ ألا يوجد مكان في الوسط ؟ بالنسبة لـ الأحزاب العربية هل نداوي أغلاطها بغلط جديد ؟
ألا تكفي معاقبة المجتمع العربي للأحزاب العربية منذ تفككت المشتركة من خلال هذه اللامبالاة والانتقادات العاتبة الغاضبة اللاذعة ؟ ألم ينجح المجتمع العربي بـ كيّ وعي الأحزاب العربية من ناحية الواجب بأخذه بالحسبان هو ومصالحه ؟ رفع المجتمع العربي بطاقة صفراء في وجه الأحزاب.. ألم تكن كافية ؟ أم أن هناك حاجة لبطاقة حمراء تخرجها من اللعبة البرلمانية ؟ أم أن هذه البطاقة الحمراء ستعود على كل المجتمع سهما مرتدا وبضرر بالغ ؟؟
هل عودة نتنياهو للحكم للمرة الخامسة اليوم بكل ما فعله وسيفعله معنا ويبيّت لنا هي مثلها مثل سقوطه وخروجه من الحلبة السياسية ؟ حقا لا يوجد فرق بين استمراره وبين انقلاعه ؟ أم أنه ليس أخطر من غيره ؟ حقا ؟
[email protected]
أضف تعليق