كتبت صحيفة "هآرتس" أن الحالة الخطيرة للنظام الصحي في قطاع غزة ستجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي محاربة القطاع لفترة طويلة، وقد يؤدي إلى تدخل دولي حاد، وفقاً للصورة التي عرضها الجهاز الأمني على أعضاء المجلس الوزاري السياسي - الأمني. وتم خلال النقاش تزويد أعضاء مجلس الوزراء بمعلومات تشير إلى أن النظام الصحي في غزة على حافة الانهيار وأن المدنيين المصابين - الذين يتوقع أن يكونوا غالبية المصابين في مواجهة عسكرية - لن يتمكنوا من الحصول على علاج طبي أولي. وقالت مصادر بارزة اطلعت على المواد، لصحيفة "هآرتس"، إنه في ضوء الوضع الذي يعكسه الجهاز الأمني، "سيكون من الصعب شن الحرب وتلقي الدعم الدولي للعملية".
وتأتي البيانات التي وصلت إلى المستوى السياسي على خلفية محاولات جميع الأطراف تحقيق الهدوء في غزة والدخول في عملية التنظيم. ويحدد موقف الجهاز الأمني أنه إذا كانت القيادة السياسية تفكر بمواجهة عسكرية، يجب معالجة وضع النظام الصحي في قطاع غزة.
وقد حصلت إسرائيل، على صورة تعكس الوضع الحالي من تقرير قدمه مصدر طبي دولي، دخل إلى قطاع غزة لتقييم حالة الجرحى الذين أصيبوا بالنيران. وتم إرسال التقرير إلى الهيئات الدولية، وبعضها ضالع في الوساطة بين إسرائيل وحماس.
ووفقاً للتقرير المقدم إلى أعضاء مجلس الوزراء، يوجد حالياً 6000 جريح في قطاع غزة، ينتظرون منذ بدء المظاهرات في آذار 2018، إجراء عملية جراحية عاجلة، ولا يستطيع معظمهم تلقي العلاج الطبي المناسب، وأصيب حوالي ربعهم بالتهاب العظام ونتيجة عدم الخضوع للعلاج الفوري سيضطرون إلى اجتياز عمليات بتر للأطراف. وفي هذه المرحلة لا يوجد عامل يمكن أن يقدم العلاج لهؤلاء الآلاف من الجرحى.
ووفقاً للتقرير، فإن النظام الصحي في غزة يواجه نقصاً حاداً في الأطباء، بعد أن غادر أولئك الذين وجدوا عملاً في بلد آخر. وهناك نقص بشكل رئيسي في الأطباء المتخصصين. وتعاني مستشفيات غزة من نقص حوالي 60% من الأدوية - خاصة الأدوية العمومية والمضادات الحيوية والمسكنات.
ويصل مئات الجرحى، كل أسبوع، إلى مستشفيات قطاع غزة بعد المظاهرات على الحدود، بينهم عشرات المصابين بالعيارات النارية، لينضموا إلى 30،000 مصاب مثلهم. هذه الأرقام، إلى جانب النقص الحاد، تؤدي إلى التقييم بأن النظام الصحي سوف ينهار تمامًا. وقد قامت المستشفيات حاليا، بتقليص النفقات وأغلقت بعض القسام، وأصبح النشاط الطبي الرئيسي هو تقديم المساعدة الأولية في أقسام الطوارئ والصدمات. أما في أمراض مثل السرطان والسكري والكليتين، فتشير التقديرات إلى أن العلاج في قطاع غزة يكاد يكون مستحيلاً ويتم إعادة المرضى إلى بيوتهم.
ووجهت جهات دولية، اطلعت على التقرير، أصابع الاتهام إلى السلطة الفلسطينية وادعت أنها هي التي تريد إحداث انهيار في النظام الصحي في قطاع غزة. وتدعي هذه الجهات أن السلطة الفلسطينية ملزمة بتحويل 150 مليون شيكل سنويا للمعدات الطبية والأدوية، لكن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمر بوقف التحويل لزيادة المصاعب أمام حماس.
وتضيف الصحيفة أنه خلال عملية الجرف الصامد في صيف عام 2014، كانت حالة النظام الصحي صعبة، ولكن ليس كما هي اليوم. في تلك الأيام، كان نظام الرعاية الصحية لا يزال مدعومًا من قبل الأونروا - بدعم إسرائيلي لهذه الخطوة - وخلال 52 يومًا من القتال، كان موظفو المنظمة يعملون في 70 مركزًا طبيًا يعالج الجرحى ويخرجهم من مناطق الحرب. أما اليوم، في أعقاب التقليص الأمريكي الكبير في ميزانية المنظمة، فإن الأونروا تجد صعوبة في العمل بنفس الطريقة.
في الأسبوع الماضي، قدم زعيم حماس يحيى سنوار ثلاثة سيناريوهات محتملة بشأن المستقبل. وقد تم عرض السيناريوهات على الهيئات الدولية التي اجتمع بممثليها، والذين عرضوها على مسؤولين إسرائيليين كبار: السيناريو الأول هو تحمل عباس للمسؤولية عن قطاع غزة، لكن سنوار يقدر أنه في وضعه الحالي، لا يوجد لدى رئيس السلطة الفلسطينية أي استعداد أو قدرة على القيام بذلك. السيناريو الثاني هو نقل السيطرة على غزة إلى الأمم المتحدة أو مصر، ليحاول هؤلاء دعم القطاع من خلال مواردهم وقوات المعونة الخاصة بهم.
أما السيناريو الثالث، والأقل مرغوبا فيه لدى سنوار، فهو أن تخرج حماس لمحاربة إسرائيل، وفي النهاية ستسيطر قوة دولية على قطاع غزة وتحاول بناء قيادة مقبولة على حماس والسلطة الفلسطينية. وأوضح سنوار أنه في السيناريوهات الثلاثة، لن تتخلى حماس عن أسلحتها حتى وإن كان من المتوقع أن تنخفض إيرادات المنظمة وتجد صعوبة في الحفاظ على جناحها العسكري.
في غضون ذلك، يعمل الوسطاء على تهدئة التوترات بين إسرائيل وقطاع غزة. وفي يوم الجمعة الماضي، على النقيض من السابق، بقي ممثل الاستخبارات المصرية في غزة خلال المظاهرات - ولم يغادره إلا بعد انتهائها، لكي يؤثر على الميدان. كما بذلت حماس جهودًا للحد من ألسنة اللهب في المظاهرات، وقلصت ساعات النقل إلى مناطق الاحتجاج من الساعة الرابعة بعد الظهر ولمدة ساعة ونصف فقط، وليس لجميع نقاط التظاهر، بادعاء أن الظلمة تبدأ في وقت مبكر. ومن الناحية العملية، حاولت حماس تجنب الإحراج أمام ممثل المخابرات المصرية.
ووفقاً لوجهة النظر المصرية، فإن التهدئة يجب أن تشمل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية كطرف في المحادثات. وهذا الأسبوع، وصل إلى مصر وفد من حماس والجهاد، برئاسة إسماعيل هنية وزياد النحلة. كما قامت حركة الجهاد الإسلامي هذا الأسبوع، بنشر مقطع فيديو يوثق لقنص ضابط إسرائيلي من لواء المظليين، الشهر الماضي، على حدود قطاع غزة. وتعتقد مصادر سياسية أن نشر الفيديو ليس مصادفة، وأن حركة الجهاد الإسلامي حاولت التوضيح لمصر وحماس قبل المحادثات، بأن رجالها يشكلون عاملاً هامًا يجب النظر إليه في المحادثات، ويبدو أنها نجحت.
وقال مصدر دبلوماسي مطلع على التفاصيل إن قرار التفاوض مع حماس عبر الوسطاء كان صحيحا، نظرا للصعوبة في تنفيذ خطوة مماثلة مع عباس. ويسود التقدير في إسرائيل بأن عباس قد تخلى بشكل كامل تقريباً عن قضية غزة وهو مقتنع بأن إسرائيل وغيرها من الدول تآمرت لضرب الفلسطينيين من خلال إلحاق الضرر به وبنظامه. وزعم المصدر أن إسرائيل أوضحت مؤخراً لعباس أنه حتى لو أراد ذلك، فإن إسرائيل لن تخوض الحرب في غزة.
[email protected]
أضف تعليق