التقرير الاستراتيجي السنوي للعام 2019 الصادر عن معهد الأبحاث القومي الإسرائيلي يتحدث عن تقديرات بحرب شاملة خلال هذا العام تشمل الجبهة الفلسطينية.
الحرب الشاملة وفق التقرير تشمل أربع جبهات، وهي: جبهة جنوب لبنان، وتكون المواجهة فيها مع حزب الله، والجبهة الثانية على الحدود السورية والمحرك الأساس لها هو الوجود العسكري الإيراني فيها، أما الجبهة الثالثة فهي قطاع غزة ثم الجبهة الرابعة متمثلة بالضفة الغربية.
لكن الأكثر ترجيحاً وفق التقرير هو سيناريو الحرب على غزة في ظل استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والحصار وتبدد صورة الردع الإسرائيلية.
في الضفة الغربية، يرى التقرير أنه مع الكشف الرسمي عن صفقة القرن - المتوقع أن يكون بعد الانتخابات الإسرائيلية - ستتفجر الأوضاع في المنطقة في ظل الرفض الفلسطيني المطلق للصفقة.
أمام رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد العديد من التحديات ومنها إيران وحزب الله وقدرة الردع والجاهزية في الجيش الإسرائيلي، لكن التقرير يتحدث عن إمكانية مواجهة واسعة في قطاع غزة في ظل الاحتكاك الدائم بين قوات الاحتلال والمواطنين المشاركين في مسيرات العودة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة
المحللون العسكريون الإسرائيليون من جهتهم يرون أن السنوات الماضية شهدت حدثاً غير عادي تمثل بالهدوء في عهد رئيس الأركان السابق أيزنكوت، فمنذ نكسة العام 1967 وقعت حرب في عهد كل رئيس أركان إسرائيلي باستثناء أيزنكوت، وذلك بسبب نشاطه العملياتي، ولهذا لم تخرج إسرائيل إلى الحرب في عهده، ما يعتبر تعارضاً مع مصالحها، بمعنى أن من مصلحة إسرائيل وقوع حرب بشكل دوري من أجل الحفاظ على قدرتها على الردع والمواجهة.
التقديرات الإسرائيلية للعام الجاري بشكل مختصر توضح أهم المخاطر التي تواجه الدولة العبرية وسبل مواجهتها، ولكن ماذا بالنسبة للفلسطينيين، كيف هو المشهد مع بداية العام 2019، هل ستكون هناك مواجهة شاملة على جبهتي الضفة وغزة.
في الضفة، هناك أكثر من خطر، ربما أشد هذه المخاطر صعوبة هو سياسة فرض الأمر الواقع التي تتمثل بانفلات الاستيطان على صعد البناء والتوسع والاعتداءات الإرهابية المنظمة بحق الفلسطينيين،
فيما يتعلق بالبناء الاستيطاني سيشهد هذا العام محاولة تمرير مخططي "إي1" و"إي2" الاستيطانيين اللذين سيضمان المستوطنات في محيط القدس وينفذان عملياً مخطط القدس الكبرى التي تمتد حتى البحر الميت ويساهمان في تهويد مدينة القدس بشكل شبه كامل وإحكام الخناق على مدينة بيت لحم، مما سيؤدي إلى عزل شمال الضفة عن وسطها ووسطها عن جنوبها إضافة إلى حصر الفلسطينيين في كانتون شبه مغلق في الأغوار.
الخطر الثاني هو لحظة الكشف الرسمي عن صفقة القرن على الرغم من التحفظ الأميركي في ظل التسريبات المتعمدة لفحص ردود الفعل.
الرفض الفلسطيني سيؤدي إلى مواجهات شعبية واسعة مع قوات الاحتلال، الأمر الذي سيتبعه حصار اقتصادي إسرائيلي على الضفة والحد من حرية التنقل وفصل الريف عن المدن وغير ذلك من الإجراءات،
كل ذلك يعني أن هناك وضعاً استثنائياً ينتظر السلطة الوطنية الفلسطينية، مع ذلك فلا توجد حتى الآن استراتيجية ظاهرة أو مخطط لكيفية المواجهة ومنع انزلاقها إلى مواجهة عسكرية أو تعمد سلطات الاحتلال خلق حالة من الفوضى.
الخطر الثالث هو استمرار الانقسام والإجراءات المتسارعة التي ستؤدي إلى فصل نهائي بين الضفة وغزة، الأمر الذي سيكون كارثياً على الصعد كلها، فمن دون غزة لا انتخابات ولا دولة ولا مفاوضات حقيقية...
الخطر على غزة شبه مؤكد، فالمواجهة مقبلة، وربما هي مسألة وقت، فالتقارير الإسرائيلية تشير إلى أن القطاع على شفا الانفجار. وحماس في المقابل ترغب في أن توجه الانفجار نحو الحدود، ولكن في النهاية الحرب ستكون مع حماس غير الراغبة في المواجهة، وهذا ما عبر عنه محمود الزهار علناً.
مأزق حماس كبير، والوضع في غزة يشبه برميل بارود، وفي الحالتين ستواجه حماس انفجاراً داخلياً أو حرباً مع الاحتلال وكلاهما خيار مر.
حماس لن تتمكن من إقامة دولة في غزة وهي غير قادرة على تسليم مقاليد الأمور في غزة للسلطة لأن هناك بعداً يتمثل في حركة الإخوان المسلمين التي تعتبر غزة القلعة الرئيسة التي ستمكنها من مواصلة مشروعها.
المخاطر التي يحملها العام 2019 للشعب الفلسطيني ظاهرة للعيان، ولا أحد يتحدث عن مفاوضات أو عن تغيير في المواقف القائمة سواء فيما يتعلق بالتوازنات الإسرائيلية وتغول اليمين الإسرائيلي وتمكنه من مقاليد الحكم، ولا تغيير إيجابياً في النظام العربي الجديد تجاه فلسطين، فالمصالح القومية لكل دولة ونظامها باتت أهم من فلسطين، وربما الأسوأ هو الإعلان رسمياً هذا العام عن إقامة جسور من التعاون المشترك بين إسرائيل والدول العربية خلال هذا العام.
المخاطر واضحة، فهل من قدرة على التصدي؟ وهل من بحث استراتيجي معمق لكيفية درء المخاطر أو تحديها قدر الإمكان؟ القيادات هي من تتحمل المسؤولية وعليها التحرك بسرعة.
[email protected]
أضف تعليق