الحدث: مظاهرة بمناسبة الاول من ايار عام 1958 ينظمها الشيوعيون في ام الفحم تحمل شعارات هامة هي:1.من اجل حقوق العمال والغاء التصاريح العسكرية لسفر العمال الفحماويين الى اماكن عملهم.
2.من اجل حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني الذي حرم الاستقلال بتآمر من الصهيونية والإمبريالية العالمية (البرطانية والامريكية ) والرجعية العربية.
3.تضامن مع عمال الناصرة واهلها الذين تعرضوا للقمع من قبل الشرطة قبل ايام حين تظاهر الشيوعيون في الناصرة بالأول من ايار.
4.رفض احتفالات الدولة ب 10 سنوات على استقلال إسرائيل.
5.رفض الحصار العسكري الذي فرضه الحكم العسكري على ام الفحم من جميع الجهات. للتضييق على المظاهرة ومنع وصول النائب توفيق طوبي للاشتراك في المظاهرة السلمية.
المكان: ساحة جامع حي المحاجنة. حيث الساحة الترابية وتقاطع طرق لأحياء المحاميد والاغبارية. وبعض البيوت والجامع.
تم وضع برميل ليقف عليه الخطيب الضيف في مركز الساحة.
الاحداث الهامة:
مشاركه حوالي 300 متظاهر. ينتظرون وصول الضيف توفيق طوبي.
توفيق طوبي بمساعدة رفاق الحزب يصل الى مفرق اللجون بسيارته. ومن ثم يستقبله الرفاق ليرافقوه بسيارتهم الى عين الزيتونة. من عين الزيتونة يركب ، يلبسونه كوفيه لإخفاء وجهه ويركب على حمار ليرافقه الرجال عبر طريق العرايش وعين خالد الى حي المحاميد ثم الى ساحه المظاهرة في ساحه مسجد المحاجنه. يستقبله الرفاق. يدعوه العريف الرفيق ابو سامي الشريدي ليلقي خطابه ،يصعد على البرميل وحوله الرفاق يحموه وما ان بدأ كلماته الاولى واذا بالشرطة تقتحم الساحة لتنزله بالقوة عن البرميل . الرفاق يدافعون عنه.. الشرطة تشعل معركة وتحاول قمع الرفاق بالعصي والغاز.. تشتعل المعركة ويبدأ عراك الرفاق الابطال مع الشرطة وحرس الحدود. الرفاق يستعملون ايديهم والحجارة وارادتهم والشرطة تقمع. وتحاول استعمال السلاح.. يهاجم الرفاق الشرطة. ويدافعون عن انفسهم وعن من اعتقلتهم. الرفيق ابو اكرم يهاجم الحاكم العسكري نفسه (الامين) ويبطحه ارضا ليزحف الاخير تحت جيب شرطه ويصرخ دخيل محمد دخيل محمدكم.. الرفيق لطفي عوض محاميد يضرب يد شرطي عربي يحمل مسدسا مصوبا على الرفيق ابو العفو كاد تنطلق منه الرصاصات فيسقط المسدس ارضا. الرفاق ابو خالد مرحا واخرون يرمون الحجارة على الشرطيين ويدافعون ببسالة. الشرطه تعزز قوتها وتلاحق الرفاق وتعتقل. يضربون ويجرحون الأغلبية حتى كاد الرفيق لطفي عوض ان يموت من الضرب المبرح. وغيره من الرفاق اصيب بجراح داميه. النساء تجمع الحجاره وتوزعها على الرفاق ليرموها على الشرطة.
جرح واعتقل اندك أكثر من 300 شخص. وهرب قسم الى الاحياء . واعتقلت الشرطة رجلا لم يشارك في المظاهرة لكنه يعمل صاحب ملحمة وملابسه تحوي بقع دم الذبيحة. اوقفوه وسألوه اين كنت فأجاب كنت في "الملحماه" يقصد الملحمة فاعتقدوا انه كان في الحرب اي المظاهرة فاعتقلوه وسجنوه.
اقيمت محاكم عسكريه وسجن على اثرها 34 رفيقا فحماويا لمده لا تقل عن 6 اشهر. عدد من الرفاق هرب الى عرعرة واختبأوا في بيت ال عقل وثم سافروا الى بيوت رفاقنا اليهود الى ان تقرر حزبيا ان يسلموا انفسهم منعا لألحاق اذى اكبر بهم وبعائلاتهم من قبل الحكم العسكري، منهم ابو العفو وابو سامي وابو علي واخرون.
الدروس الأهم :
الاول :الشيوعيون هم القوه الطليعية للعمال وللوطنيين في النضال الطبقي واليومي والمدني والوطني نحو الاستقلال. العام 1958 هو 10 سنوات بعد النكبة الكبرى للشعب الفلسطيني. شعبنا نكب وعانى اثار النكبة بكل اسقاطاتها لحد الاحباط والياس من تحقيق انتصارات على الصهيونية. وها هم الشيوعيون يستعيدون العزيمة والقوة الكفاحية والمنظمة حزبيا والمنظمة سياسا وتنظيميا ليهب ويناضل كقوة طليعية وقائدة للكفاح من اجل حقوق اساسيه وحقوق سياسيه وتضامنيه.
فقط 10 سنوات كانت كافيه لينهض المارد من النكبة وواجه الحكم العسكري مواجهه شجاعة وباسلة بدون سلاح او مغامرات انما بحق التظاهر والتجمهر وبالحجارة والكف. وكما وصفها الشاعر سميح القاسم قائلا الكف تواجه المخرز.
ثانيا: وحدة النضال الطبقي والوطني وعدم التناقض بينهما وخصوصا في مسائل الجماهير العربية الباقية في ارضها والتي سلبت حقوقها الجماعية وتحولت لطبقه فقيرة من العمال والفلاحين .ايار 58 يبرز كتظاهرة للحقوق الجماعية الوطنية والطبقية. كما انها رفعت شعارات التضامن من حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني الذي تحول لشعب لاجئين ومحروم من استقلاله بدولة لجانب دوله إسرائيل التي حصلت على استقلال عام 48.
الثالث: وقوف الشيوعيين في راس النضال لإلغاء الحكم العسكري الظالم والقامع لأبسط الحقوق. بدءا بالتصاريح ومرورا بمنع العمل السياسي وملاحقه المناضلين بقوانين الطوارئ والمحاكم العسكرية. والمطالبة بالحقوق المدنية كمواطنين متساوين مع باقي سكان الدولة.
الرابع: التفاف وتضامن الجماهير والشخصيات الوطنية مع الشيوعيين والاستجابة للتظاهر والمشاركة في الكفاح والثقة بوعيهم وقيادتهم للنضال، ويظهر هذا في حقيقه ان عدد كبير من المعتقلين والسجناء كان من الوطنيين والغير منظمين حزبيا.
الخامس: قيم رفض التدجين والوصاية والأسرلة :
تجربه ام الفحم هي تجربه محليه. وهي بمثابه "بروفا" واستعداد لمعارك اكبر وقطرية. وهي تجربه فريده.. حيث التحدي والاستعداد للتضحية.. والاصرار على تنفيذ المهام الوطنية والطبقيه بكل الظروف. اذ تصدى الشيوعيون الفحماويون للحصار وللقمع ببسالة وشجاعة ووعي منقطع النظير. كما رفضوا وصاية الحكومة ومحاولة تدجين الجمهور العربي بالاحتفال بعاشوراء إسرائيل وهنا القيمة العليا لرفض"الأسرلة " على الاقلية الفلسطينية.
بعد 9 سنوات اي ما يقارب 1967 حدثت النكسة واحتلت إسرائيل الضفة والجولان وسيناء.. خلال 6 ايام.. فكأنها نكبه ثانية اصابت الامه والشعب الفلسطيني. وجماهيرنا في الداخل اصيبت بالإحباط من جديد.. وكأن مزاج النكبة يتكرر.. لكن الشيوعيون لم يحبطوا ولم يستسلموا للقدر اللعين، فقد حافظوا على مبادئهم وقيمهم الماركسية اللينينية ونظفوا الحزب من الانتهازيين وانطلقوا من جديد كجزب ثوري وجماهيري ليصلو الى فهم الحاجات الوطنية والطبقية للجماهير اكثر من السابق فكان من الضروري وبعد 10 سنوات من النكسة والانقسام في الحزب ان يصل الشيوعيون الى قمة ثوريتهم بإطلاق يوم الارض كيوم كفاحي وحدوي للجماهير العربية المظلومة ويعلن الاضراب والتصدي للقمع السلطوي.. وكان احداث ايار 58 تتكرر لكن بمقاييس اكبر وعلى مستوى الوطن كله. وعلينا رؤية العلاقة الديالكتيكية التصاعدية في كفاحيه الحزب من احداث ايار 58 الدامية الى احداث يوم الارض 76 الدامية اكثر من جهة وشموليه النضال وتحوله من الخاص الى العام.. من المحلي (ام الفحم والناصرة ) الى القطري في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة.
يوم كفاح ايار 58 كان "البروفا"...ليوم الارض الخالد في اذار 76 .
اذا من الطبيعي ان نحتفل ونخلد اليوم الكفاحي العظيم في ايار 1958، وواجبنا نقل المعلومات والموقف للأجيال الشابة ليعرفوا حقيقه الشيوعيين وصدقهم وتضحياتهم من اجل الجماهير والشعب.ان الذكرى ال 60 لأيار الدامي هي عيد ثوري للشيوعيين والوطنيين الفحماويين وتكريم وتخليد الحدث والاشخاص لهو مهمه تاريخية وعزيزة على قلوبنا. المجد كل المجد للرفاق والاصدقاء الراحلين والعمر الطويل والتحية والاجلال لمن هم معنا حتى اليوم.
ام الفحم*
[email protected]
أضف تعليق