في ضوء التطورات البطيئة بخصوص قضية التناوب، لا بُد من توضيح الصورة المبهمة للجمهور وتخفيف الضبابية التي خلقتها البيانات المناوراتية الصادرة عن مركبات القائمة المشتركة.
إن تقديم النائب دكتور عبد الله أبو معروف عن الجبهة استقالته للكنيست، دونما استقالة النائب أسامة السعدي عن العربية للتغيير وانسحاب المرشحين، يوسف العطاونة ووائل يونس، بخطوة واحدة (حزمة واحدة) ودخول مرشحة التجمع السيدة نيفين أبو رحمون، تعني فتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة تهدد استمرارية القائمة المشتركة وتمس بالعمل السياسي الوطني وتزيل الستار عن نوايا غُلّفت بتصريحات سياسية أنيقة لقيادات أحزاب، قُبيل تشكيل القائمة.
الإيفاء بالعهود لا يتجزأ!
أولاً،استقالة أبو معروف عن الجبهة هي التزام جزئي وغير كاف، كون المرشح العطاونة لم ينسحب ويشترط انسحابه باستقالة النائب أسامة السعدي. الخطوة مباركة ولكن أين صدق الموقف والنوايا لاستمرار الشراكة السياسيّة؟
ثانيًا، العربية للتغيير تشترط استقالة أسامة السعدي بانسحاب مرشح الجبهة يوسف العطاونة أولا، ومن ثم ستلتزم بانسحاب مرشحها وائل يونس. هل الاشتراط هو مؤشر لعدم ثقة بين المركبات، أم هي سياسة العصا والجزرة؟ وهل يعتبر اقتراح "الرزمة" تهربًا وفق ما وصفته لجنة الوفاق؟
ثالثًا، يعني بلغة بسيطة مركبين يشترطان الالتزام وتطبيق التناوب كاملا فقط في حال التزم أحدهما ونفذ أولا، وأدخلونا في لعبة "نظرية الألعاب" التي تفتح عدة سيناريوهات محتملة وهي:
1. رفض النائب السعدي تقديم الاستقالة لتصبح التشكيلة: 4 جبهة 4 إسلامية 3 تجمع 2 العربية للتغيير (4 للإسلامية في حال وافقت دخول مرشحها على حساب التجمع، لأن بند التناوب وفق الاتفاقية ينص على محاصصة المقعد 13 بين الجبهة والتجمع، والمقعد 12 بين العربية للتغيير والحركة الإسلامية).
2. استقالة النائب السعدي ودخول مرشح الإسلامية سعيد الخرومي وفق الاتفاقية بعد استقالة أبو معروف، ورفض مرشح الجبهة يوسف العطاونة سحب ترشيحه (كون المرشح 16 في القائمة، إبراهيم حجازي عن الإسلامية أودع كتاب الانسحاب لدى لجنة الوفاق) وبذلك ستكون التشكيلة هنا: 5 جبهة، 4 إسلامية، 3 تجمع و 1 العربية للتغيير.
3. استقالة النائب السعدي وانسحاب مرشح الجبهة، يوسف العطاونة ورفض مرشح العربية للتغيير، وائل يونس الانسحاب، لتكون التشكيلة: 4 جبهة 4 إسلامية 3 تجمع و 2 العربية للتغيير.
4. انشقاقات في الكتلة البرلمانية للقائمة المشتركة وخروج مركب أو 2 من القائمة ككتل برلمانية مستقلة.
5. كل السيناريوهات المذكورة ستؤدي لنتيجة واحدة وهي: تفكك الشراكة السياسيّة بين الأحزاب وشرذمة الوحدة الوطنية ونهاية المشتركة.
تداعيات لا تحمد عقباها في حال حدث أحد السيناريوهات المذكورة أعلاه وحال دون تنفيذ التناوب وحل الأزمة:
· ضرب مصداقية العمل السياسي الوطني داخل المجتمع العربي.
· عدم ثقة الجمهور بالعمل المشترك والوحدوي، ليس فقط على مستوى الشراكة السياسية، بل والاجتماعية والثقافية وغيرها.
· عدم ثقة القاعدة الاجتماعية الجماهيرية الكبيرة، التي صوتت غالبيتها العظمى للمشتركة، بالأحزاب والشراكات والتحالفات بينها.
· زعزعة العمل الوحدوي والجماعي للأقلية العربية التي هي بأمس الحاجة للوحدة وللنضال المشترك في هذه المرحلة. وربما نحتاج سنوات لترميم هذا الضرر.
كل هذا سيقود في نهاية المطاف إلى عودة الأحزاب الصهيونية بقوة، إلى الشارع العربي، بعد تكريس مقولة "أن ما يهم الأحزاب والنواب هو كراسيهم وليس المواطن وهمومه وقضاياه (بدليل عدم وجود رد فعل جماعي على هدم بيت في الرملة، سحب جنسية المواطن علاء زياد، اعتقال إداري لثلاثة شبان من المثلث، عودة خطر الهدم لقلنسوة وتفاقم الهجمة السلطوية على النقب، بينما المشتركة وأقطابها مشغولين بالكرسي). والأخطر من ذلك أيضا هو إحباط الناس وخيبتهم من الأحزاب بشكل عام وعزوفهم عن السياسة ونفورهم من التعامل مع القضايا المجتمعية كقضايا عامة، وتفضيل البُعد الشخصي والمصلحة الفردية على المصلحة العامة والهموم والقضايا القومية الجماعية، لأن "هم الجماعة" ضاع في غمرة الحديث عن "كرسي".
[email protected]
أضف تعليق