منذ بداية الأزمة السورية وانعطافتها السريعة نحو العسكرة وانحرافها نحو تفتيت الدولة السورية وضرب الجيش العربي السوري، واسقاط النظام الوطني والشرعي بقيادة بشار الأسد تحت ذريعة ممجوجة وباهتة وهي الاصلاح والديمقراطية، وعدد منا يؤكد على عمق المؤامرة والمخطط الجهنمي المبيت لسوريا، بدعم وتمويل وتشجيع دول خليجية وغربية وانخراط اسرائيل في ذلك المخطط، بينما كان بعض كارهي نظام الأسد ومنهم – للأسف- عدد من القوميين في الداخل والخارج، يتهكم على ما نذهب اليه بأن اسرائيل ترغب ببقاء نظام الأسد، والدليل عندهم أنه لم يطلق رصاصة نحو هضبة الجولان طوال فترة حكمه.
ورغم ما مر من شواهد على أن اسرائيل تعمل على اسقاط نظام الأسد بدءا من تصريحات نتنياهو وليبرمان والقادة العسكريين، مرورا بفتح الحدود أمام المصابين والجرحى من جبهة النصرة والتنظيمات التكفيرية وتقديم العلاج المجاني لهم في المشافي الاسرائيلية، الى شن الغارات وضرب مواقع الجيش السوري ودوريات حزب الله واغتيال قادة ميدانيين مثل عماد مغنية وسمير القنطار، في تدخل مباشر وسافر الى جانب التنظيمات الارهابية التي تحارب النظام السوري. كل ذلك لم يقنع الأصدقاء القوميين الذين واصلوا التمترس خلف موقفهم المستهجن بمعاداة النظام القومي السوري تحت يافطة "الديمقراطية"، ولا أظن أن تورطهم بذاك الموقف المعيب سيجعلهم يراجعون ويغيرون موقفهم، خاصة حتى بعد افتضاح الدور الاسرائيلي المباشر في محاربة الدولة السورية، كما ظهر وبان في الآونة الأخيرة وتحدثت عنه الصحافة الاسرائيلية علنا وجهارا بعدما كانوا يطرقون الموضوع بشكل موارب واعتمادا على مصادر غربية، وينكرون جهارا انخراطهم في تلك المؤامرة.
اليوم وبعدما شعرت اسرائيل بالخطر الجدي نحوها ليس جراء سقوط بعض القذائف في أراضي الجولان المحتلة، انما بعد التوصل لاتفاق لايقاف الأعمال القتالية في جنوب سوريا بمحاذاة الحدود الأردنية والاسرائيلية، وخشية اسرائيل من تعاظم نفوذ ايران في المنطقة وتواجد قوات لحزب الله في المنطقة، وهي ترى بذلك خطرا عليها يفوق خطر الارهاب، فالارهاب داخل سوريا لم يشكل أي خطر على اسرائيل، بل صرح أكثر من مرة ناشطون في التنظيمات الارهابية أن خطتهم تقضي اسقاط النظام السوري وعدم التعرض لاسرائيل، بل شاهدنا حجم التعاون والتنسيق بين الطرفين، وشاهدنا بعض رموز ما يسمى بالمعارضة السورية يحضرون لاسرائيل علانية ويتباهون بعلاقاتهم مع اسرائيل، ومنهم من توسل اسرائيل أن تساعد فصائلهم بالتدخل المباشر، وضرب النظام السوري ومؤسساته ولم تبخل عليهم اسرائيل وفق ما تسمح لها وقائع الميدان.
وتمكنت "جبهة النصرة" وملحقاتها من السيطرة على خطوط التماس مع خط وقف اطلاق النار على الهضبة السورية المحتلة، وخلال ثلاث سنوات ليس أنها لم تطلق رصاصة واحدة نحو اسرائيل بل جاء التعاون بينهما على علانيته وفضائحيته، وفتحت اسرائيل الحدود من خلال بوابة عريضة لاستقبال جرحى الارهابيين وتقديم العلاج لهم في مشافيها، كما فعلت على الحدود اللبنانية حين فتحت " الجدار الطيب". والغريب أن أولئك الذين هاجموا بالأمس الجدار الطيب واسرائيل وجيش لحد، لم ينطقوا بأي اعتراض أو نقد لفتح الحدود السورية، وفي الوقت الذي لم يوفروا فيه اطلاق ألقاب العمالة – وبحق- على جيش لحد اللبناني، ويعيبون على السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني مع اسرائيل، نراهم يغضون الطرف عن التعاون العلني والمفضوح بين العصابات الارهابية واسرائيل، وكل ذلك من منطلق الحقد الأعمى والعداء البهيمي لنظام الأسد ليس إلا، مما يعزز اعتقادنا أنهم غير مستعدين ولا يملكون شجاعة مراجعة مواقفهم والاعتراف بخطئهم. وأمام هذا الخطر "السلمي" المحدق باسرائيل وبعد طول خداع أنها تمتنع عن التدخل في سوريا، أخذت اسرائيل "تزحف داخل الحلبة السورية" كما أشار الصحفي تسفي بارئيل في صحيفة "هآرتس" من يوم 23/6/2017 وهذا ما أكده المحلل السياسي الأردني عريب الرنتاوي في حديث مع قناة "الميادين"، مساء 9/7 بأن اسرائيل تشارك في عملية التفاوض حول وقف العمليات الحربية من خلال الولايات المتحدة والأخيرة تطلعها على المقترحات وتأخذ رأيها، وهذا ما كان وصفه من قبل بارئيل حين أنهى تقريره في صحيفة "هآرتس" قائلا ان " اسرائيل باتت شريكة في عملية اتخاذ القرارات الاستراتيجية في الحرب"، فماذا تنتظرون أصدقائي حتى تعودوا الى مواقعكم، خاصة وأن الدولة السورية فتحت صفحة المصالحات في وجه معارضيها.
(شفاعمرو- الجليل)
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
حفظ الله الاسد وان شاء الله ستعود سوريا قوية اما المعارضين الموايين لاسرائيل فاليذهبوا الى الجحيم