المتابع للسياسة العربية يشعر ان هناك تغيير للأفضل في اداء القيادات العربية منذ الانتخابات الاخيرة للكنيست وبعد انتخاب قياده جديده للجنة المتابعة العليا للجماهير العربية. ولكي لا يفسر ان الامور على ما برام اعتقد ان هناك حاجة ماسة الى تطور اخر اوسع واكبر في عمل هذه المؤسسات وتقويتها وتمهينها لكي تستطيع مواجهة التحديات التي تواجهها في المستقبل.

نستطيع الجزم ان مردود العمل البرلماني للقائمة المشتركة الان لم يسبق له مثيل في تاريخ العمل السياسي العربي في البلاد. هذا العمل له انعكاساته ايضا على طرق ووسائل النضال لهيئاتنا التمثيلية. لم يسبق ان عملت احزابنا في السابق مع لجنة الرؤساء للسلطات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني بمهنية كما نراها اليوم. لذلك هناك انجازات اولية لا يمكن التغاضي عنها.

من اعطى ثقته للمشتركة في الانتخابات الأخيرة اراد من نوابها العمل الدؤوب من اجل تحسين ظروف المواطن العربي الذي يميز ضده وتهضم حقوقه يوميا. يتوقع من ممثليه محاربة القوانين العنصرية والسعي من اجل المساواة في هذه البلاد. وواضح جدا ان اعضاء الكنيست لا يمكن ان ينجحوا في تحقيق اهدافهم بدون الحوار مع الوزارات والكتل المختلفة واعضاءها في الكنيست.

الحوار الدائم والمطالبة الدؤوبة لأعضاء المشتركة ولحنة الرؤساء وطاقم المهنيين الداعمين هي التي تؤدي الى "انجاز يتلوه انجاز". الحوار ليس معناه الانبطاح وقبول كل شيء. نعم هناك انجازات للمشتركة ومن لا يرها فهو اعمى بعيون.... ؟؟؟ هناك تحول في الحديث عن الحاجة الى جسر الفجوة بين المواطنين اليهود والعرب في الحكومة الاسرائيلية وفي معاهد ابحاث وفي اوساط اخرى وما الخطة الخماسية وقرار الحكومة 922 الا تجسيدا لذلك. نعم يجب ملاحقة الحكومة بأذرعها المختلفة من اجل تطبيق القرار بكامله وفي مقدمة هؤلاء اعضاء القائمة المشتركة. ولا شك ان هناك وسائل نضال "غير حوارية" شرعية جدا. لكن لماذا لا نركز على استعملها في حلبات اخرى؟؟

عندما قررت الاحزاب المختلفة اقامة المشتركة كانت تعلم علم اليقين ان الخصم المشترك هو الحكومة وسياساتها التمييزية ضد الاقلية الفلسطينية في البلاد. فالنضال من اجل المساواة هو العنوان الرئيسي للعمل البرلماني. تعالوا ان لا نحمل المشتركة اكثر من طاقاتها. ان طرح التباينات السياسية بين الاحزاب في المشتركة الان يسيء لعملها وخاصة ان الهدف واحد. هذه التباينات تطرح باسم التعددية الفكرية لكنها ليست كذلك فهي في الحقيقة شرذمة سياسية. يكفي ان نتذكر ان الجبهة والاحزاب العربية كانت دائما تصوت سوية في الكنيست ولم تكن بينها خلافات تذكر بالنسبة للحاجة لأحراز نجاحات في الكنيست. لماذا التركيز على المشتركة ؟ اين الاحزاب برؤسائها ومكاتبها التنفيذية؟ اين وسائل اعلامها وطواقمها المهنية؟؟ الم يحن الوقت ان نغير نظرتنا وان لا نرى بالعمل البرلماني جل عملنا؟

من يرى جيدا فان العلاقة بين المشتركة بأعضائها 13 والميدان ,المتمثل في الاساس في المواطنين العرب, قد تعززت ولم يتم الفصل بينهما . لكن اعتقد ان هناك خلاف حول فهمنا لماهية العمل البرلماني ودورنا في الكنيست. هناك طروحات مختلفة لمفهوم المواطنة واستحقاقاتها. لا يمكن الاستمرار في المشاركة في اللعبة البرلمانية كمنصة نضال سياسي وفي نفس الوقت الشعور اننا ليس جزء من اللعبة. لهذه اللعبة قوانين ومنها السيئة لكننا اخترنا اختيارا صحيحا اللعب في هذه الحلبة المهمة.

نعم لا استغناء عن الخطابين المدني والقومي والجمع بينهما احيانا لكن هناك منصتان مختلفتان للتركيز عليهما كل على حده. الطرحان يجتمعان في قضايا مثل اقرث وبرعم وام الحيران. لكنهما لا يجتمعان في اقرار مشروع مجاري لبلدة معينة او تمرير ميزانية معينه لبلدة اخرى. او هل علينا طرح ملف المصالحة بين فتح وحماس في الكنيست؟ هناك من يرى في الكنيست منصة للخطابات وللطرح القومي الشرعي ايضا. لا اعتقد ان منصة الكنيست هي المكان الاول والصحيح لذلك. اعتقد ان منصة لجنة المتابعة هي الافضل لذلك.

هناك ايضا حراك ايجابي ملفت للنظر في عمل لجنة المتابعة. البدايات لمحاولة اشراك اكبر عدد ممكن من المهنيين والاستفادة من امكانياتهم في المجالات مختلفة من اجل النهوض بالأقلية الفلسطينية هي محاولات مباركه. هذه الساحة الحقيقية الاولى لخطابنا القومي. تعالوا نطرح كل الامور المقلقة, وهي كثيرة, وخاصة تلك المتعلق فينا نحن كأقلية في هذه البلاد ومنها تنظيم هذه الاقلية وتقوية نسيجها الاجتماعي والوطني.

لا حاجة "لهدوء الاجواء" ما دامت هناك سياسة تمييز عنصري قائمة في الدولة. السؤال يبقى اين ومتى وكيف؟ .هناك حاجة لحراك جماهيري ونضال شعبي مستمر منذ سنوات طويله. قلنا ذلك في السابق مثلا ونكرر اليوم مرة اخرى: النقب ينادينا فهل من يسمع؟؟ لماذا نخلي كل حلبات النضال والعمل السياسي ونثقل كاهل العمل البرلماني والمشتركة؟؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]