أزاحت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية الستار عن اختلاف الأساقفة المحافظين والليبرالييين في الكنيسة الكاثوليكية، بشدّة، حول قراءاتهم لتعاليم البابا فرانسيس حول الطلاق؛ بسبب غموض البابا نفسه.
ففي أبريل/ نيسان، نشر البابا فرانسيس وثيقة “اموريس لاتيتيا” (بهجة الحب)، والتي هدفت لاتباع نهج أكثر تساهلاً للكاثوليك المطلقين، وتشجيع الكهنة على منح القربان المقدس لمن يريدون الزواج مرة أخرى، وبدلاً من تسوية الأمر، فتح البابا الباب، أمام تفسيرات متباينة للوثيقة، ففي حين ينفذ الأساقفة المحليون الوثيقة، يرى المحافظون أن شيئًا لم يتغير، ويرى الليبراليون مزيدًا من المرونة مع آثار أوسع نطاقا للتعاليم حول الأخلاق الجنسية.
وفي 1 يوليو، نشر المطران تشارلز شابوت من فيلادلفيا، مبادئ توجيهية لأبراشيته، التي تعد السادسة حجمًا، في الولايات المتحدة، حول كيفية تنفيذ التعاليم.
وأعاد المطران، وهو محافظ رائد في المجمع الفاتيكاني الأخير في شهر أكتوبر، تاكيد الحكم التقليدي بأن الكاثوليك المطلقين والذين يرغبون في الزواج ثانية من دون الحصول على بطلان، قد لا يتلقون القربان المقدس، ما لم يمتنعوا عن ممارسة الجنس مع أزواجهم الجدد، إذ تعتبر الكنيسة هذه العلاقات زنا.
وأكد المطران شابوت أن كلمات البابا فرانسيس أظهرت أنه لا نية لديه لتغيير هذه التعاليم، لكن رد الفعل من النقاد الليبراليين كان شديدًا، حتى أن حاكم فيلادلفيا غرّد بأن “أفعال شابوت ليست مسيحية”.
وقد نشرت مجلة لاهوتية، يشرف عليها الفاتيكان، في الأسبوع الماضي، مقابلة مع الكاردينال كريستوف شونبورن من فيينا، وهو ليبرالي رائد في سينودس العائلة. وقال الكاردينال إن البابا فرانسيس قد أعاد تفسير تعاليم الكنيسة لكي تعني أن بعض الكاثوليك في “موقف خطيئة موضوعي” بمن في ذلك المطلقون الذين تزوجوا ثانية، وقد يحصلون على القربان المقدس.
وتعد المشكلة الرئيسة هي لغة البابا غير المباشرة؛ ففي “اموريس لايتيتيا،” لم يعدل صراحة القاعدة الموجودة، ولاسيما أن فعل ذلك سيكون أمرًا غريبًا، إذ يشدد البابا فرانسيس غالبًا على أهمية التشاور مع الأساقفة الآخرين، ولكن في مؤتمر صحفي، قال البابا إن وثيقته فتحت آفاقًا جديدة لحصول المطلقين المتزوجين على القرابين المقدسة. وكان البابا رفض أن يكون أكثر تحديدًا، لكنه أشار إلى تعليق الكاردينال شونبورن أمام الصحفيين.
وفي مقابلة الأسبوع الماضي، رفض الكاردينال أيضًا أن يكون محددًا، قائلًا: “ليس هناك قاعدة عامة يمكن أن تغطي جميع الحالات”، وهذا الأمر هو في نهاية المطاف إحدى “البصائر الفردية”.
وكتب المطران أثناسيوس شنايدر من كازاخستان معلقًا أن هذه “التعبيرات هي خاطئة بموضوعية” وتشكل “خطرًا روحيًا حقيقيًا”.
كما اعتبر الكاردينال ريموند بورك من الولايات المتحدة، “اموريس اتيتيا” “انعكاسًا شخصيًا للبابا”، أكثر من كونها تعليمًا رسميًا.
لكن المحافظين الذين يعترضون على تغيير التقاليد يميلون بشكل عام أيضًا لأن يكونوا أكثر رفضًا لمعارضة البابا.
ويقول القس جيرالد موراي، راعي كنيسة العائلة المقدسة في نيويورك: “إن الناس الذين كانوا يدافعون عن السلطة البابوية على مدار السنوات الـ 50 الماضية، فجأة وجدوا أنفسهم معارضين للبابا، وهو وضع غريب جدًا”.
وفقا للقس توماس ريز، وهو كبير المحللين في مدونة الكاثوليكية الوطنية، فإن البابا فرانسيس لم يضطرب جراء الجدال.
وأوضح أن: “البابا يعتقد أن الأمر يعود إلى الأسقف المحلي لإلقاء نظرة على الوضع الملموس في أبراشيته، وجعل الحكم الرعوي حول ما هو ممكن”. وأضاف: “قد يكون أمامنا 10 أو 20 عامًا من هذا الوضع، حيث يفعل أساقفة مختلفون ذلك بطريقة مختلفة في أماكن مختلفة، لكني أعتقد أنه سيأتي توافق في الآراء حول الطريق الذي نسلكه”.
على الجانب الآخر، فان المحافظين مثل الأب موراي، يجدون أن مثل هذه الوضع لا يمكن الدفاع عنه، قائلاً: “إن هذا لغم ينفجر، ويؤسفني أنه ستكون هناك معركة مستمرة حتى العودة إلى الانضباط القديم”، مضيفًا: “وحدة الرعية الكنسية تتأثر بشدة إزاء وجود ممارسات متناقضة في أماكن مختلفة”.
وخلال سينودس العائلة، تحدثت بعض الأساقفة بشكل خاص حول خطورة الانقسام حول القضية، على غرار الانقسام الحاصل في الطائفة الإنجيلية بشأن المثلية الجنسية.
وقال الأب موراي: “قد لا يكون هناك شقاق بمعنى رفض السلطة البابوية، ولكن سيكون هناك جدال في الكنيسة حول الاتجاهات التي يأخذ البابا، الكنيسة إليها، وما إذا كان علينا أن نمضي قدمًا أو يجب علينا المقاومة”.
[email protected]
أضف تعليق