"الروح القدس يحرّك الكنيسة، ولكنّه مجهول بالنسبة للعديد من مسيحيي اليوم" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وشدّد الحبر الأعظم على أن الروح القدس يجعلنا مسيحيين حقيقيّين، وحث المؤمنين على أن يسمحوا للروح القدس بأن يدفعهم ويعلّمهم درب الحريّة.

قال الأب الأقدس لم نسمع حتى بوجود الروح القدس، استهل البابا عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من كتاب أعمال الرسل والتي تقدم لنا الحوار الذي دار بين التلاميذ الأوائل في أفسس والقديس بولس ليتوقف في تأمله الصباحي عند حضور الروح القدس في حياة المسيحيين، وقال اليوم أيضًا نجد أشخاصًا كهؤلاء التلاميذ الذين وبالرغم من إيمانهم بيسوع لكنهم لا يعرفون بوجود الروح القدس.

تابع البابا فرنسيس يقول كثيرون يقولون أنهم تعلّموا في التعليم المسيحي أن الروح القدس هو الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس ولكنّهم لا يعرفون شيئًا آخرًا عنه ويتساءلون عما يقوم به. الروح القدس هو الذي يحرّك الكنيسة، وهو الذي يعمل في الكنيسة وفي القلوب، وهو الذي يجعل كل مسيحيٍّ شخصًا مختلفًا عن الآخر وفي الوقت عينه يخلق الوحدة فيما بينهم. هو الذي يحمل المسيرة قدمًا ويشرّع الأبواب ويرسلك لتقدّم شهادة ليسوع. لقد سمعنا في صلاة البدء: "ستنالون الروح القدس وستكونون لي شهودًا في العالم كلّه" وبالتالي فالروح القدس هو الذي يحثنا على تمجيد الله ويحركنا للصلاة: هو يصلّي فينا. الروح القدس يقيم فينا ويعلّمنا أن ننظر إلى الآب وندعوه "أبّا"، ويحررنا من حالة الأيتام التي يريد روح العالم أن يحملنا إليها.

أضاف الأب الأقدس يقول إن محرّك الكنيسة هو الروح القدس، إن الروح القدس هو الذي يفعل كل شيء في الكنيسة، والخطر هو عندما لا نعيش هذا الأمر ولا نكون على مستوى رسالة الروح القدس هذه فنحول الإيمان إلى مجرّد عيش خلقيّ. لا يجب علينا أن نتوقّف عند تطبيق الوصايا فقط: هذا يمكن فعله وذاك لا يجوز فعله، لأن الإيمان عندها سيقتصر فقط على قضايا الضمير والسلوك ويصبح خلقيّة باردة.

تابع الحبر الأعظم يقول إن الحياة المسيحية لا تقتصر على عيش خلقيّة معيّنة وإنما هي لقاء مع يسوع المسيح، والروح القدس هو الذي يحملنا إلى هذا اللقاء مع يسوع. ولكننا في حياتنا نحبس الروح القدس في قلوبنا ولا نسمح له بأن يدفعنا أو أن يحركنا. هو يصنع كل شيء ويعرف كل شيء ويذكِّرنا بكل ما قاله يسوع ويشرح لنا الأمور التي قالها يسوع. الروح القدس يجعلنا مسيحيين حقيقيّين، ويعلمنا بواسطة النبوءة أن نقرأ علامات الأزمنة ويحملنا قدمًا في مسيرتنا.

أضاف الأب الأقدس يقول سيساعدنا في هذا الأسبوع أن نتأمل حول عمل الروح القدس في حياتنا وأن نسأل أنفسنا إن كان يعلّمنا طريق الحريّة. إن الروح القدس الذي يقيم فينا يدفعنا للخروج: فهل أخاف؟ كيف هي الشجاعة التي يعطيني إياها الروح القدس لأخرج من ذاتي وأشهد ليسوع؟ وكيف هو صبري في التجارب؟ لأن الروح القدس يعطينا الصبر أيضًا.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنتأمل في أسبوع الاستعداد لعيد العنصرة هذا: هل أؤمن حقًا بالروح القدس أم أنه مجرد كلمة بالنسبة لي؟ لنحاول أن نتكلّم معه ولنقل له: "أعرف أنك تقيم في قلبي وفي قلب الكنيسة وأنك تحمل الكنيسة قدمًا وتصنع الوحدة بيننا في اختلافنا..." لنقل له هذه الأمور كلها ولنطلب نعمة أن نتعلّم – بشكل عمليٍّ - ماذا يفعل الروح القدس في حياتنا. إنها نعمة الطاعة للروح القدس. لنتأمل هذا الأسبوع بالروح القدس ولنتكلّم معه.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]