عذراً سيدتي حنان الحروب، لأننا لم نكن نعرفك قبل أن يقدمك العالم لنا كأفضل معلمة فيه.

عذرا سيدتي لأننا كنا منشغلين عنك في قضايا اعتبرناها أكثر أهمية وإلحاحا من قضيتك فلم يبقَ عندنا لكِ متسعٌ لنقول ولو كلمات جميلة عنك وعن جهدك وابداعك.

ولو لم يقم العالم بتذكيرنا بك وتقديمك لنا لكنت مثل كثيرين أسقطتهم الذاكرة عن صفحتها وصاروا بحكم انشغالات السياسيين نسياً منسياً، وبعد ان جلستِ على عرش التعليم في العالم وصرتِ نجمة على مستوى الكون كله سوف أهديكي فرحاً لكِ يوازيه حزنٌ علينا، والفرح لابد وأن نغمر به ابنة مخيم عصامية صنعت ابداعها بفكرها ودأبها وذكائها، الا ان حزننا علينا هو ان لا أحد منا له إسهام ولو قيد أنملة فيما فعلتِ، ولو لم يزف لنا العالم نبأ تتويجك لتخيلناكِ مثل عشرات الالاف تقفين أمام مبنى رئاسة الوزراء معتصمة إمّا للمطالبة بتحسين وضعكِ وإما للتعاطف مع من يطالبون، ولكن شكراً للعالم الذي نجّاك ونجّانا من هذه الحالة وشكرا لكِ يا ابنة المخيم حين قدمتي برهانا اقوى من كل البراهين على ان المخيم الذي لا يصلح وطناً فإنه يصلح لصنع معجزة.

حين أغادر مدينتي الخليل، متجهاً إلى عاصمتنا المؤقتة رام الله، فلا مناص من أن أمر بعدة مخيمات تحاذي الشارع الرئيسي فأرى تجمعات بشرية مسجونة وراء أسيجة من الاسلاك الشائكة وعلى الجانب الآخر من الطريق جنودٌ يشهرون ما لديهم من فوهات نحو جسد المخيم، الفكرة من وراء هذا الاحتراز البائس أن يواصل المخيم شرب عرقه ولعق جراحه دون ان ينتج غير المآسي والاحباط واليأس، فاذا بكِ تتمردين على هذه الفكرة وتتجاوزين قوات وأسيجة الاحتلال، لتقولي للعالم باسم المخيم وباسمنا" أن كل الذي يفعله الاحتلال لابد وان يذهب ادراج الرياح، ذلك ان الابداع الانساني لا يعتقل ولا يخبو تحت النار الغريبة لأن له اجنحة سحرية تملك قدرة خارقة على التحليق في فضاء الكون"

لماذا يا سيدتي انَّ فرحي لك وحزني علينا؟
حكاية الفرح فهمناها اما حكاية الحزن فلها قصص كثيرة وطويلة، أنتِ تعرفينها جيداً وجيرانك في أي مكان عشتي فيه يعرفونها كذلك، الحزن الذي نكابده يشبه في نفوسنا ارضاً تشققت من العطش، وحين ترخي سحابة مائها نفرح في رهان آدمي على الارتواء، الا ان سحابة واحدة عابرة لا تكفي.

ومن حقنا ونحن نفرح بانجازكِ العالمي مثلما افرحنا محمود درويش وادوارد سعيد حين قررت العدالة العالمية منحهما لقب افضل شاعر في العالم وافضل مثقف، إلا ان الظلم السياسي احزننا لانه استبعد الاثنين عن الجائزة الاولى في هذا العصر .

أخيراً... ماذا سنفعل بهذا الانجاز؟
و أنتِ ماذا ستفعلين، حقاً انني لا اعرف، ولو أنكِ في مكان آخر لوضع فوق المليون ملايين كثيرة نضخها في جسد التعليم المنهك عندنا، فلعلنا نتقدم ولو خطوة متواضعة في سباق الجودة المؤسساتية وليست الفردية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]