قامت قوات الأمن الإسرائيلي يوم الجمعة 8.1.2016 بقتل الشاب نشأت ملحم منفذ عملية تل أبيب الأخيرة في مكان سكناه في عرعرة المثلث في وادي عاره بعد مرور أسبوع على تنفيذ العملية، وقد سبق عملية قتله الكثير من التساؤلات حول دوافعه، وحول الظروف التي أدت إلى قيامه بتنفيذ العملية في تل أبيب، كما رافق ذلك توجيه الكثير من الانتقادات للشرطة الإسرائيلية بسبب تعاملها مع هذه العملية، وخاصة فيما يتعلق بتزويد المواطنين الإسرائيليين بالمعلومات الضرورية التي يجب أن يطلعوا عليها، وطمأنتهم جراء ذلك.

وقد جاءت عملية قتل ملحم مغايرة ومخالفة لما اعتادت عليه قوات الأمن الإسرائيلي من التعامل مع منفذي مثل هذه العمليات ضد المواطنين الإسرائيليين، أو حتى ضد قوات الجيش الإسرائيلي حيث حرصت دائما على القبض على منفذي مثل هذه العمليات أحياء، ليس رأفة منها بهم، بل للاستفادة منهم استخباراتيا، ومعرفة انتمائهم الحركي وتوجهاتهم السياسية، والدينية، والدوافع التي تقف وراء العمليات التي نفذوها لكنها في هذه المرة اختارت قتل ملحم دون المحاولة لإبقائه على قيد الحياة كأن تصيبه بشكل تشل فيه حركته مثلاً مما يؤكد أن هناك ما تقصد إخفاءه حول ملابسات هذه العملية، لكي يتسنى لها الاستمرار في اعتبارها عملية ذات خلفيه قوميه وليس جنائية مع انه لا غرابه في أن تكون جنائية البتة. وذلك للأسباب التالية:

أولاً: نشأت ملحم يعتبر عربي من مواطني إسرائيل.

ثانياً: تساور إسرائيل هواجس تدور حول تبني بعض الشبان العرب من مواطني إسرائيل توجهات مؤيده لداعش. وهذان السببان لوحدهما كافيان بان يجعلا إسرائيل تحرص على القبض على ملحم حياً أكثر من قتله ولو لأجل التحقق من هذه الشك حتى لمجرد كونه ممكن الوقوع ولو من الناحية النظرية على الأقل.

ثالثاً: اختيار ملحم لشارع ديزنغوف والمقهى المعين الذي وقعت فيه العملية بالذات علما انه يعرف منطقة رمات افيف جيدا مما يسهل عليه الحركة فيها بسهوله حيث تبين مما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية انه كان مألوفا هناك لدى السكان وهذا يقلل من الشك، والاشتباه فيه فلماذا يختار مكانا مجهولا بالنسبة له زد على ذلك ما نقلته وسائل الإعلام من انه تردد قبل العملية على المنطقة التي نفذ فيها العملية مما يؤكد أنه كان يبحث عن شيء محدد، ومعين. ومما يؤكد ذلك كون المنطقة المحيطة بمكان تنفيذ العملية تقع في وسط تل أبيب وتعتبر منطقة عامرة، ومكتظة بالسكان، وأماكن الترفيه والتسوق فلماذا اختار هذه المقهى بالذات.

رابعاً: ما قاله الشرطة من أن ملحم أطلق النار على عناصرها حين داهمته في المكان الذي كان يختبئ فيه فما دام بحوزته سلاحا وذخيرة صالحاً للاستعمال فلماذا لم يستعمله ويقتل المزيد من المواطنين في نفس اليوم الذي نفذ فيه العملية في تل أبيب سواء في نفس المكان، أو خلال هروبه إلى المكان الذي داهمته فيه الشرطة وذلك سببا منطقيا ومعقولا أخر يؤكد ضرورة القبض عليه حيا.

خامساً: تلكأ وزير الأمن الداخلي في الرد على الاستجواب الذي قدمه له النائب جبارين مطالبا إياه من خلال هذا الاستجواب أن يوضح الخليفة التي تقف وراء تنفيذ ملحم لهذه العملية.

سادساً: ما قالته الشرطة نفسها حول إمكانية استعانة ملحم ببعض الجهات الجنائية ممن قضى معهم محكوميته في السجن في إيصاله، وتهريبه إلى لضفة الغربية فما دامت هذه العلاقة مطروحة ولو من باب الافتراض فما المانع أن يكون قد نفذ هذه العملية لإغراض جنائية شخصية ذاتية له، أو لصالح هذه الجهات الجنائية التي أشارت إليها الشرطة الإسرائيلية والتي يمكن أن تكون غير عربية أصلاً.

سابعاً: لم تشير الشرطة، ولا عائلة نشأت ملحم بأنه قد لوحظ عليه في الأيام التي سبقت تنفيذ العملية أي تصرفات توحي بأنه يمكن أن يقوم بمثل هذه العملية كما لم يتم العثور على أي رسالة قد يكون تركها لعائلته وذويه يودعهم من خلالها كما كان يفعل بعض منفذي مثل هذه العمليات.

ثامناً: إعلان الشرطة فور وقوع العملية أنها عملية ذات خلفية قومية واستمرارها في التعامل معها على أنها كذلك يثير التساؤلات حول تحقيق الشرطة في الاتجاه الجنائي وإن كانت قد فعلت فحري بها أن تطلع الجمهور على ذلك.

بالرغم من وجود هذه التساؤلات وهذه الدلائل وبدلاً من أن تأخذها حكومة نتانياهو على محمل الجد وتتعامل معها على أنها ممكنة الحدوث انهمكت منذ وقوع العملية في إطلاق التصريحات المعادية لعرب الداخل وهذا لوحدة يؤكد بأن الشرطة فضلت قتل ملحم على القبض عليه لكي يدفن معه سر الخلفية الحقيقية التي دفعته للقيام بهذه العملية وليتم توفير الغطاء والذريعة التي تمكن الحكومة الإسرائيلية من ترويج عدائها لعرب الداخل ولاستمرار في حرمانهم من حقوقهم حتى التي تم إقرارها كتلك المساعدات المالية المخصصة للوسط العربي التي تم إلغائها، أو إرجائها مما يؤكد بأن قتل الشرطة الإسرائيلية لنشأت ملحم هو طمس للحقيقة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]