طلت علينا الحكومة ورئيسها مؤخراً بخطة اقتصادية صُوّت عليها بالأجماع، تهدف الى تغيير انظمة وقواعد اقرار الميزانيات في الوزارات المختلفة بحيث تخصص كل وزارة نسبة معينة من ميزانيتها الكلية لصالح المجتمع العربي. في مسودة اقتراح الحكومة الأولي تم التطرق في بداية الأمر الى اهمية دعم الاقتصاد في البلدات والقرى العربية والتي من شأنها ان تكون رافعة للاقتصاد الكلي بجميع المجالات، على مستوى الدولة وعلى مستوى العالم فيما يخص مستويات الاعتماد التدريجية التي تقرها شركات الاعتماد والبنوك الدولية.
عملياً تأتي هذه الخطة ليست حباً بالعرب انما كرهاً بعواقب قد تعود بالضرر على اقتصاد الدولة في حال لم تسعى الحكومة - ولو على الورق – في تحقيق معايير المساواة التي تفرضها تلك الشركات والبنوك لدول اعضاء ال OECD-. وزارة المالية اقتنعت منذ اكثر من عامين بهذه النظرية بعد ان سمعت للعديد من الاقتصاديين المحليين والعالميين ونظرا لأفكار امير ليفي رئيس قسم الميزانيات الايجابية بهذا الخصوص وايضاً الضغط الذي انتجته الندوات وحلقات النقاش السنوية التي عقدها النواب العرب في لجنة المالية – د. احمد الطيبي ود. باسل غطاس (ايضاً في الدورة السابقة) بمشاركة مركز مساواة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ومنظمات المجتمع المدني . عادةً ما شارك بهذه اللقاءات وزير المالية او نائبه ورئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية، نوابه ورؤساء الأقسام، وتم وضعهم على خطورة الوضع والنتائج الاجتماعية والاقتصادية لذلك، والأهم العمل الحثيث لأعضاء المشتركة، رؤساء المجالس والبلديات الذين كان لهم دوراً مهنياً ومميزاً في الجلسات المختلقة، والضغط الشعبي والجماهيري بما فيه اضراب عمال المجالس وتظاهرهم امام وزارة المالية في الشهر الماضي.
نتنياهو، صوت ودعم الخطة يوم الاربعاء الماضي، وشدد خلال الجلسة على أهمية تطبيق القانون والانصياع لأوامره، وتم الحديث خلال الجلسة عن ميزات ستمنحها الحكومة لمن ينصاع لهذه الأوامر بما فيها التحفيز للتجنيد للخدمة المدنية !!
ومؤخراً، في السبت الأخير طل علينا نتنياهو نفسه ملوحاً مجدداً بحجة فرض القانون وموضوع البناء غير المرخص كشروط اساسية لتنفيذها، وتعيين الوزراء ألكين وليفين الأكثر عداءً لنا لتقديم سلة اضافية من الشروط وبذلك كشف وجهاً مخفياً وخطراً من استغلال الخطة الاقتصادية، وعلى أهميتها، للنيل من هويتنا وتماسكنا كمجتمع موحد، وليس صدفة التقسيم الذي يقوم به بين مسلمين ومسيحيين ودروز.
لذلك علينا كمجتمع عربي ان نعرف ونعي الآن حجم الخطة بالنسبة لنا، أهميتها واسقاطاتها المستقبلية علينا، والتنبه لمحاولة نتنياهو فك الربط ما بين البعد القومي للأقلية العربية الفلسطينية في البلاد وما بين البعد المدني والاجتماعي لمواطنتنا في هذه الدولة.
محاولة المقايضة بامتيازات اقتصادية على حساب تقديم تنازلات في البعد القومي لمواطنتنا عبر التلويح بنظرية فرض القانون والخطة الاقتصادية كقميص عثمان بكل نقاش ومواجهة مع ممثلينا في البرلمان يجب ان يواجه بحزم ووحدة صف . يجب الانتباه بان حكومة نتنياهو لا تقدم لنا أي شيء مجاناً، هذا لا يعني عدم الاستفادة القصوى من هذه الخطة الاقتصادية، فالأمر مرهون بمتابعة الخطط والميزانيات والمشاريع التي تقدمها وزارة المالية والوزارات المختلفة، وهذا يتم بواسطة انشاء طاقم مسؤول ومهني من اقتصاديين مدعوم من القيادة الجماهيرية والسياسية الممثلة بنواب المشتركة بكاملها ورؤساء المجالس وممثلون عن جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني.
لقد كانت المشتركة مع هذه الخطة الخمسية وليس ضدها لأنها أشارت الى النقطة الايجابية فيها وهي تغيير اليات تخصيص الميزانيات ولكنها أشارت الى الثغرات والنواقص والاشتراطات، وما ترويج الرقم 10 مليارد شيكل الا تضليلا اعلاميا وتسويق وتضخيم لان هذا الرقم غير موجود في الخطة الحكومية وما زلنا جميعاً ننتظر الارقام الدقيقة. ويبقى الاختبار بالتطبيق، فقد لُدغنا عام 2000 ولا يلدغ المؤمن من حجره مرتين.
[email protected]
أضف تعليق