"القائمة الذهبية"، بل هي أغلى من الذهب، قائمة أعدها الاحتلال وسماها "القائمة السوداء"، وسجل فيها أسماء الأخوات اللواتي لهن الدور المبارك في عمارة المسجد الأقصى المبارك. وتم توزيع هذه القائمة على عناصر الشرطة الاسرائيلية الموجودة على بوابات الأقصى الخارجية، حيث تقوم هذه العناصر العسكرية الاحتلالية بمنع هذه القائمة من دخول المسجد، وبشكل تعسفي ومن دون اي سند قانوني، بل أكثر من ذلك، يلاحق الاحتلال وعسكريته هذه النسوة في بيوتهن، والتهديد المستمر لهن ولأزواجه، ولأفراد عائلاتهن، ويقوم بإصدار أوامر هدم تعسفيه لبيوتهن، سحب الاقامات، إعتقال وشتم مستمر بأقذع الالفاظ على مسمعهن الشريف.

كل ذلك امعاناً من الاحتلال في النيل من عزيمتهن ورباطة جأشهن. هذه النسوة، ممنوعات من دخول المسجد الاقصى، منع ينافي كل بنود القانون؛ منع ينتهك الحريات، حرية الحركة وحرية العبادة وحرية الدخول إلى الأماكن المقدسة، ولا يستند إلى أي سند قانوني، حتى انه ينتهك أسس القانون المحلية والدولية، فقد أطلق الاحتلال العنان ليده الباطشة لتنال منهن.

يتبع الاحتلال سياسة الإشغال الدائم للأفراد والجماعات في الهموم الخاصة الضيقة، وفي نفس الوقت يكثف من هجمته على المسجد الاقصى المبارك، فرض سياسات الاقتحامات الدينية، دون أن يسميها، فرض صلاة جهرية لليهود في رحاب المسجد الأقصى المبارك، إحكام السيطرة الكاملة على المسجد الاقصى المبارك، حتى أصبح تصليح ماسورة مياه في المسجد الاقصى المبارك ممنوع عمله إلا بإذن الاحتلال، وبعد وصول خبير آثار اسرائيلي لإعطاء الإذن بالتصليح والإشراف عليه، ومعاقبة كل الشخصيات البارزة في دفاعها عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، اعتقالات إدارية، تحقيقات، إبعاد عن مدينة القدس، مداهمات للبيوت، هدم بيوت ومحلات تجارية، مصادرة اراضي، زرع مستوطنين في الأحياء العربية كبداية لتهويدها بالكامل، كل ذلك وأكثر ينفذه الاحتلال وهو يظن أن الوقت ملائم لتمرير سياساته التهويدية على كامل المسجد الاقصى والقدس المباركة.

يظن الاحتلال، من خلال حالة الاشغال هذه، أنه يستطيع الاستفراد بالمسجد الأقصى المبارك، وأنه يستطيع الان تنفيذ سياساته التهويديه من دون أي تحدي أو مقاومه أو حتى رفض.

وأصبحت سياسة الاحتلال هي استباحة الحق الفلسطيني بالكامل، فهو يتعامل مع القدس وكأنها من غير فلسطينيين، وكأن السكان الأصليين ولدوا من غير حقوق، من غير حريات، ومن غير مقدسات، ولذلك فهو يستغرب من وجود الفلسطينيين في القدس، ويستغرب من تكاثرهم الطبيعي، ويستغرب من صمودهم وثباتهم، بالرغم من سياساته الراميه إلى تفريغ القدس من اهلها الاصليين، ويستغرب من رباط المقدسيين في القدس والمسجد الأقصى المبارك، وهذا الاستغراب يولد سياسات واجراءات عنصرية جديدة، وكل ذلك يحدث بالبث الحي والمباشر، على سمع العالم وبصره.

لقد كشفت هذه النسوة نوايا الاحتلال الحقيقية، وكشفت خبث الاحتلال وسياساته الرامية إلى تهويد كل شئ، بل إن هذه النسوة حددت الدور المبارك للمرأة الفلسطينية، امرأة لها مشروع تعيش من أجله، وليس هذا فحسب، إنما تصبر على كل المصاعب التي تواجهها من أجل مشروعها المبارك. هذه النسوة، وقفت داخل المسجد الأقصى المبارك، في نفس الوقت الذي استنكف فيه كثير من الرجال عن دورهم في المسجد الأقصى؛ دافعت عنه، استبسلت في الوقوف في وجه الهجمة الصهيونية، صبرت، حتى عندما أبعدت عن المسجد الأقصى ومنعت من دخوله، وقفن عند آخر نقطه يستطعن الوصول اليها، وبقين يرفعن راية المسجد الأقصى المبارك.

حتى الآن أكثر من مئة وثلاثون يوما وهن مبعدات عن المسجد الأقصى، وحتى الآن ما زلن يتوافدن إلى بوابات المسجد الخارجية، كل يوم، يحاولن الدخول إليه، وبعد أن يمنعن يعدن الى التحولق عند إحدى البوابات، يقرأن القرآن ويدرسن تفسيره، ويتدارسن العلوم الشرعية والانسانية، وبين الحين والحين يقمن بشرح معاناتهن للسياح المارين.

هذا ليس بالعمل البسيط. إنه تحدي لمشروع عالمي كبير هو المشروع الصهيوني. وباتت هذه القائمة تشكل حاله مفصلية في تاريخ القدس، لا تقل أهميه عن الحالات التي رافقت مقدمات التحرير في التاريخ المشرف.

فعلاً انها قائمة ذهبية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]