ها هي يد الظلمة والظلم تضرب من جديد في عواصم التنوير والحضارة بيروت وباريس، بعد سيناء التي تتوجع لها قاهرة المعز فيتوجع الكون كله لوجعهن، لأنها إنسانية الإنسان لا تتجزأ، وليس للأرواح الحرة في كل شعوب العالم إلا أن تصرخ من أجل كرامة الإنسان من أول الشرد إلى آخر البرد، ومن أول العصف إلى آخر النزف.
في مقدمة هذه الأرواح الحرة في شعوب العالم يتربع الشعب الفلسطيني الذي وقف في رأس الحربة ضد مشروع الإرهاب نيابة عن إنسانية الإنسان في الكون، لأنه الشعب الذي فُعِلَ به ما فُعِلَ على يد الإرهاب الممنهج والذي قامت خلاله دولة الاحتلال الإسرائيلي بشرعنة فعل الإرهاب بغير وجه، ونسفت كل الأعراف الدولية والشرعات الإنسانية، حين شرعنت التصفية الجسدية والقتل الميداني ومصادرة الأراضي وبناء المستعمرات على أرض الشعب الفلسطيني بقصد المحو والإلغاء والطمس الممنهج، وقصفت بالطائرات الحربية تجمعات السكان المدنيين وأعدمت بالجملة عائلات بأكملها وأحياء سكنية برمتها وارتكبت المجازر واختطفت في سجونها آلاف الفلسطينيين، ولا زالت تشعل النار وتذكي الحرب الدينية باستباحة المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس عاصمة العواصم وخاصة المسجد الاقصى المبارك.
إننا من هنا، من القدس مهد الديانات السماوية ندين بشدة ونغضب غضبة الموجوع الذي ذاق ولا يزال مرارة الإرهاب والظلم والبطش، الاعتداءات الإرهابية التي طالت باريس وبيروت وسيناء مؤخراً وسبقتها في العراق وسوريا بلاد أول الحضارات البشرية في الشام وما بين النهرين، وتركيا وليبيا. وإن ما طال الشعب الفرنسي واللبناني والمصري مؤخراً يعتبر وجعنا نحن في فلسطين ونعتبر كل عائلات الضحايا عائلاتنا، هذا موقفنا المبدئي والدائم والاستراتيجي لأن كل ما يطال إنسانية الإنسان يمسنا في القلب. لا مكان للشماتة في قلبنا الانساني ولا في عقلنا البالغ ولا في ديننا الحنيف.
لقد حان الوقت ليعلم الجميع بأن استمرار ازدواجية المعايير في التعامل مع موضوعة الإرهاب سيصب في خانة تصاعد وتيرته، ويجب على العالم أن يعلن مرة وللأبد بأن الدم الإنساني محرم على بني الإنسان وأن الظلم يجب أن يرفع عن المظلومين فوراً ودون إبطاء، وبكل صراحة وموضوعية فإن المستفيد الوحيد من العداء الذي يفرضه الإرهاب على شعوب الكون هي إسرائيل التي تستخدمه كغطاء لفعلها الأبشع في شعبنا الفلسطيني يومياً وعلى مرأى ومسمع من العالم الحر الذي لم تجرؤ حكوماته حتى اليوم من قول قولة حق فيه تردع الراعي الأساس لارهاب الاحتلال وهي إسرائيل.
إن شعبنا الفلسطيني هو أول شعوب الكون الذي لا يستعدي ديانة ولا قومية ولا عرقاً ولا شعباً، بل إنه صديق الكون، يألم لألمه ويحزن لحزنه، وما طال سيناء وبيروت وباريس قد يطال مسلمين ومسيحيين ويهوداً الأمر الذي نستنكره بشدة وقبل ذلك نستنكر ما تقوم به دولة الاحتلال بحق شعبنا الذي يدافع عن نفسه حسب ما أتاحته له الشرعية الدولية بمقاومة الاحتلال لدحره وبناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.
إن من لم يتعرف على فلسطينيته قبل الآن، لن يتعرف على هويته الأخلاقية بعد الآن.
نعزي عائلات الضحايا ونشاركها الحزن والفقد الكبير.
الحرية لإنسانية الإنسان.
الحرية لفلسطين
[email protected]
أضف تعليق