مؤخراً، بدأ اسم "داعش" يتردد فيما يتعلق بالانتفاضة الفلسطينية، سواء عبر تهديدات التنظيم لـ"اسرائيل"، أو عبر الرواية الأخيرة، بسقوط طائرة شراعية لأحد سكان بلدة جلجولية المحتلة عام 1948، جنوب سورية أثناء رحلته للانضمام إلى التنظيم.
تلك الأحداث، جاءت لاحقة لتصريحات خطيرة من القادة "الاسرائيليين"، ومنها اتهامات نتنياهو لمفتي القدس الشيخ أمين الحسيني، بأنه المسؤول عن محرقة اليهود التي كان المدان بها هتلر طيلة عقود انصرمت، وأيضاً، تصريحات تيسبي ليفني، والتي لم تتم الاضاءة عليها كما يجب، حينما قالت إنه هناك مخاوف من "ربيع فلسطيني". أضف إلى ذلك، التجييش غير المسبوق من قبل جهات فلسطينية وعربية، لتوجيه الانتفاضة ضد الفصائل الفلسطينية والسلطة، عبر ابراز كل سلبياتها الماضية والحالية في هذا الوقت.
ليس صعباً على أحد أن يجمع تلك العناوين السابقة، ليخرج بإفادة: أن سيناريو معين بدأ تحضيره للقضية الفلسطينية بعد اندلاع الانتفاضة الثالثة. وهذا السيناريو يشابه إلى حد ما، السيناريوهات التي تم تطبيقها في بعض البلدان العربية، لكن بتعديلات تناسب خصوصية القضية الفلسطينية.
الحراك الذي بدأ في تلك الدول على أنه "ربيع عربي" يطالب خلاله الشعب بحقوقه، أخذ طابعاً طائفياً بعد حين، ليتم ضرب فئات الشعب فيما بينها على أساس عقائدي، وفي النهاية، حُرفت الجموع عن القضية الاساس التي خرجوا من أجلها، واقتتلوا فيما بينهم، ودمرت بلدناهم التي أرادوا اصلاحها.
هذا العامل الطائفي، الذي تم استغلاله في تلك الدول، غير موجود في فلسطين، وهنا بدأ الحديث عن ضرورة ضرب الفصائل الفلسطينية كونها تعتنق ايديولوجيات مختفلة وهي اقرب إلى الطوائف. سواء كان ذلك بتزكية الخلافات التاريخية فيما بينها، أو تحشيد الشعب ضدها على أنها من استلبت صوته وحقه في النضال والتحرير طيلة العقود الماضية، ماقد يفضي إلى اقتتال فلسطيني – فلسطيني، وتحويل الصراع إلى الداخل.
والأخطر في هذا الصدد، هو استثمار "اسرائيل" لورقة أخرى اضافية، وهي السعي لـ"أسلمة الانتفاضة"، والترويج على أن الصراع الحالي يدور على أساس "صراع ديني" بين اليهود والمسلمين في فلسطين. وهنا، لم يكن نتنياهو ثملاً عندما اتهم مفتي القدس بالمحرقة، وأعاد اتهامه مرة أخرى في المانيا ذاتها، بقصد حرف الصراع إلى منحى جديد يخدم توجهاته باستثمار الانتفاضة لتحقيق "يهودية الدولة" كما يريد.
الدعوات إلى "ربيع فلسطيني"، وتحويل الصراع إلى ديني، ودخول "داعش" على الخط، هدفه ربط السكين الفلسطينية بسكين النحر التي يستخدمها التنظيم في قتل من يراه "محتلاً" لأرض "الخلافة" وكل من يعادي "دولته"، وفي النهاية، حصول "اسرائيل" على إجماع دولي ضد الفلسطينيين الذين أُلبسوا ثوباً ليس ثوبهم مرغمين.
وبالنتيجة، سيكون الفلسطينيون أمام ثلاث خيارات، إما الاقتتال الداخلي، وإما التحول لـ"دواعش" في حال استمروا بانتفاضة السكاكين ضد المحتل!، أو الوحدة الوطنية والتركيز على أن الانتفاضة انطلقت ضد المحتل.
[email protected]
أضف تعليق