الاسماء التي تطلق على الاماكن الجغرافيه ليست دائما تصف بشكل الصحيح جغرافية المكان من حيث الطبيعة والتضاريس ,فهنالك العديد من الاماكن الجغرافية بالعالم والبلاد اكتسبت الاسم بسبب حدث تاريخي او قرار سياسي , فمثلاً : مرج بني عامر الذي يفصل جبال الجليل عن جبال فقوعة والدحي تعود مرجعية الاسم لقبيلة بني عامر التي قدمت من شبه الجزيرة العربية واستوطنت علية وهنالك اعتقاد اخر نسبة للصحابة دحيه بن عامر الكلبي قد توفي بالمكان ودفن بالجبل الذي سمي ع اسمة جبل وبلدة الدحي. بالمقابل هنالك اماكن ينطبق على جغرافيتها وطبيعتها الاسم التي اكتسبته مثل : نهر الاردن , الاردن باللغة هو المكان المنخفض ومجرى نهر الاردن هو اكثر انخفاض بالبلاد جراء الشق السوري الافريقي.
يتناول هذا المقال سبب تسمية احدى فروع جبال البلاد ألمركزية , الجليل, الذي يقع شمالي البلاد تصل مساحته نحو 2260 كلم مربع منها 1500 جليل اعلى و760 كلم مربع جليل اسفل. الجليل الاعلى يمتد من نهر الليطاني (بالبنان) بالشمال حتى سهل مجد الكروم بالجنوب تتراوح مرتفعاته ما بين 600م حتى 1208م (جبل الجرمق) عن سطح البحر.اما الجليل الاسفل فيمتد من سهل مجد الكروم بالشمال حتى مرج بني عامر بالجنوب تتراوح مرتفعاته ما بين 100 م حتى 602م جبل كمانه (كمون).

الاعتقاد الاول يعود الى ان كلمة الجليل بالاصل جبيل (بمعنى جماعة من الناس ) قوله تعالى : " وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ" (يس -62) خلال التاريخ كان الجليل ملجئ للأقليات والجماعات القليله التي عانت ولوحقت من الحكام وشعرت بعدم الاستقرار الامني – هذه الاقليات او الجماعات هربت من الحكام وطرق المواصلات الرئيسيه التي سيطرت من قبل الحكام ولجأت للاختباء على قمم جبال الجليل, فخطوط المواصلات التاريخية بالبلاد تلاشت الجليل مثل طريق البحر التي مرت عبر السهل الساحلي ومن ثم مرج بن عامر نحو دمشق ,اما الطريق الثانية طريق الملك التي تمر عبر النقب, اذاً كلاهما لم يمرا على قمم الجليل الذي تحول الى مجموعة اقليات ومن هنا جاءت كلمة قليل (قله سكان او الاقليات)حرفت الكلمة عبر التاريخ الى جليل. وفي اقوال النبي (ישעיהו) :الذي دعاها بجليل الغرباء ( גליל גויים). فالجماعات او الاقليات التي وصلت للمكان شعرت نفسها غريبة.

الاعتقاد الثاني بان كلمة الجليل تعني العظيم , فان الجليل له تضاريس ومميزات عظيمة ( جغرافياً) فالجليل يمتلك تضاريس متنوعه وتشمل تقريبا جميع وحدات المنظر في الطبيعة فمثلاً حدوده في الشمال نهر الليطاني (في لبنان) اما الحدود الشرقية منحدرات الجليل الشرقي (قدس, مناره " كنعان" - حطين) وفي الجنوب مرج (سهل) بني عامر وفي الجهة الشرقية التلال الشرقية (طبعون –شفاعمر ) والسهل الساحلي.
اضف الى ذالك يملك الجليل اودية متدفقه بالماء (عامود- الملك- القرن- نعامين) ومناطق خلابة (الاقواس – مطل المنارة – منحدرات حطين) وظواهر جيولوجية مثل : الغرابين انخساف كتلة بين كتلتين مثل سهل البطوف حتى ان مبنى التضاريس مميز على مبدأ سهل –جبل ( جبال الشاغور بعدها سهل الكروم جبال الكمانه بعدها سهل سخنين جبال الديدبة بعدها سهل البطوف جبال طرعان بعدها سهل طرعان ومن ثم جبال الناصرة بعدها مرج بني عامر).

الاعتقاد الثالث والأخير يعود للجغرافي قسطنطين خمار (موسوعة فلسطين الجغرافية), يقول : "ان الجليل كلمة سامية تعني الدائرة " , فلو نظرنا الى شكل الخارجي للجليل فهو على شكل دائرة فطول جباله من الشمال الى الجنوب تصل 64 كيلومتراً اما عرضها من الشرق للغرب 48 كيلو متراً ,صحيح ان الاقطار غير متساوية, ولكن قريب للشكل ولا ننسى اننا نتحدث عن طبيعة.

للختام : ما يعطي الطبيعة رونق يزيدها جمالا هو كسبها لقب يلائم طبيعتها - هذا ما قد قمنا بعرضه بهذا المقال , فبلادنا نموذج طبيعي وجغرافي لكل سائر الكرة الارضية فإنها مباركه بتاريخها العريق وجغرافيتها المتميزة والخلابة قوله تعالى : " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" ( الاسراء -1).
الحمد لله الذي وهبنا بالنظر الى اياته الطبيعية التي تدل على عظمته.


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]