من البديهي جدا ان تعمل المدارس على أن تتميز وان ترفع من مستوى طلابها ان كان في مراحلهم الابتدائية، الاعدادية وفي الاخص الثانوية، ولكن ليس من البديهي ان تحقق هذه الاهداف مقابل اهمال الشريحة الاكبر من الطلاب الوسط ودون الوسط في حين تصب كافة اجتهادات المعلمين وطاقاتهم بالفئة المميزة متجاهلين الاغلبية الساحقة من الطلاب الآخرين، وذلك بدل من النهوض بمستوى التعليم على كافة الاصعدة ليشمل كافة الجهات.

هذا هو الحال الذي تشهده معظم مدارس ام الفحم وخاصة الاعدادية والثانوية منها وذلك حسبما تبين لمراسلنا بعد ان توجه اليه العديد من الاهالي ليشكوا عن هذه الظاهرة التي باتت ككابوس يلاحقهم في كل يوم يداوم ابنهم وذلك بسبب الاهمال وعدم اللامبالاة التي يلاقيها الطلاب المتوسطين ودون الوسط من قبل المدرسة – حسبما وصف اهالي الطلبة.

فتشهد العديد من مدارس ام الفحم في الاونة الاخيرة استعمالها لأنظمة اختيار وتمييز لطلبة دون الاخرين من خلال وضعهم في صفوف مختارة بعناية بالغة والتي تشمل – في معظم الاحيان – طلاب يحملون علامات ما فوق ال 95، في المقابل يتم "ابعاد" الطلاب المتوسطين ودون الوسط عنهم الامر الذي يؤدي الى انخفاض كبير في معدلات الطلاب الاخرين وخلق اجواء محتقنة داخل اسوار المدرسة.

"مدارسنا تعاني من عدم التزام من قبل المعلمين وإهمال للصفوف المتوسطة"
احد طلاب المدارس الثانوية والذي فضل عدم ذكر اسمه – الاسم محفوظ لدى التحرير-، أشار على انه ومنذ دخوله المدرسة الثانوية وهو يعاني من عدم اتزان والتزام في برنامجه الدراسي حيث وصف الحال قائلا:" لا اذكر ان هناك معلم قد بدأ معنا وأكمل مسيرته حتى نهاية العام، فإما يخرج للحج او للعمرة، وإن كانت معلمة ففي معظم الاحيان تخرج الى اجازة ولادة".

"لا تفصلنا عنهم الا بضع درجات ولكنها درجات عديدة في سلم الاهتمام والمتابعة"
وحول ان كان هذا الحال يسري على كافة شعب المدرسة فقال:" لا ابدا!! فالمعلمين المعروف عنهم بالتزامهم بالدوام الدراسي يتم منحهم حصص في المسارات المخصصة للممتازين، وهناك تسير الامور على اكمل وجه بالرغم من انه لا يفصلنا عنهم الا بضع درجات! ولكن هذا قدمته ادارة المدرسة لمنافسة مدارس اخرى ولجذب الطلاب لها ، ولكن في الحقيقة فهذا التميز يكون على حساب معظم الطلاب".

د. محمود زهدي:" نحن واعيين لهذا التغيير والخطورة ان نجد مدارس تخدم النخبة على حساب الطلاب الضعفاء"
وحول هذا الموضوع فقد اجرى مراسل موقع بكرا حديث خاص مع الدكتور محمود زهدي مدير جناح المعارف في بلدية ام الفحم للإطلاع على طبيعة الحال وكيفية معالجة بلدية ام الفحم لهذه الظاهرة، فقد عقب على هذا الموضوع قائلا:" لا شك اننا نحن واعيين للتغيير الذي يحدث في جهاز التربية والتعليم العربي وفي البلاد بشكل عام، فهناك اليوم منطق النيوليبلاري الذي من خلاله تقاس المدارس من خلال التحصيل، فجهاز التربية والتعليم يقاس من خلال التحصيل الاكاديمي للطلاب".

واضاف:" الخطورة في هذا الموضوع اننا نجد ان كل مدرسة تخدم النخبة الموجودة فيها من اجل رفع مكانتها من خلال سلم وزارة المعارف، هذا التوجه موجود على مستوى الدولة وعلى العالم ايضا ، للاسف هذا التوجه الذي يسود جهاز التربية والتعليم العالمي على الاقل خلال 20 سنة الاخيرة".

" لا ندعي ان مدارسنا بعيدة عن هذا التوجه، ودورنا يكمن بضمان عدم توغل المدارس بهذا التوجه، ويستحيل ان نقبل ان يكون الثمن هم الطلاب الضعفاء"
وقال ايضا:"هذا التوجه ادخل مفاهيم من عالم السوق والاقتصاد لتسيطر على عالم التربية والتعليم ليصبح مصدر لسوق العمل، وهذا ما يحدث في الأخيرة، نحن واعيين لهذا التغيير، نحن لا ندعي ان مدارسنا بعيدة عن هذا التوجه، قد نجد ان هذا التوجه في المدارس وذلك من خلال خدمة نخبة معينة لرفع مكانتها وتسوق نفسها وتجذب اليها الطلاب ولتنافس مدارس أخرى، نحن واعيين ودورنا ان نضمن عدم توغل المدارس بهذا التوجه وذلك لمنع خسارة طلاب آخرين، فنحن يستحيل ان نقبل بان يأتي هذا الامر على حساب الطلاب الضعفاء، نحن نحاول دائما ان نعطي موارد للمدرسة لخدمة الطلاب الضعفاء وهذا الامر مراقب من قبل البلدية".

وأضاف:"فعلى سبيل المثال في المدرسة الثانوية الشاملة هناك برنامج "تقدم للمستقبل" والذي يخدم طلاب ضعفاء حتى الطلاب الذين على وشك التسرب، وفيه يحصل الطالب على ضعفين الاهتمام من الطلاب الآخرين، كما وان هناك صفوف في الثانويات والتي يحصل فيها الطلاب على اهتمام خاص لرفع من مستواها، وهناك متابعة من قبل البلدية ومن قبل الوزارة."

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]