الانتخابات البرلمانية المقبل عليها الشعب التركي في السابع من حزيران هي الانتخابات الخامسة والعشرين في تاريخ البرلمان التركي الذي تأسس عام ١٩٢٠، تلك الانتخابات التي تعتبر مصيرية بالنسبة الى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الذي يسيطر على غالبية مقاعد البرلمان منذ اكثر من ١٢ عاماً ولثلاث دورات انتخابية متتالية،

ونتيجتها ستحسم امكانية إحداث تغيير في الدولة التركية لتدخل حقبة جديدة كما قال رئيسها اردوغان الذي يطمح لتعديل الدستور والانتقال الى النظام الرئاسي، حيث أكد في أحد خطاباته لأنصاره ان النظام البرلماني الحالي غير فعال وغير مناسب لتحويل البلاد الى قوة عالمية وبالتالي يجب استبداله بنظام رئاسي من خلال اعادة كتابة الدستور،

وهذا لن يتحقق ما لم يحصل حزبه على نسبة ٦٧ في المئة من الأصوات أي ٣٦٧ نائباً في البرلمان ليتم تغيير الدستور بإقرار البرلمان فقط، وفي حال لم يحقق حزب العدالة والتنمية هذه النسبة سيطرح الدستور للاستفتاء العام.

اردوغان المصاب بالهستيرية وجنون العظمة الذي يطمح الى اعادة عهد السلطنة العثمانية، يدرك جيداً انه في حال عدم كسر عتبة ثلثي المقاعد سيكون مصيره الانطواء في قصر الرئاسة وانعزاله فيه الى حين انهاء مدة رئاسته،

لذلك يسعى الى تحقيق غالبية كبيرة لحزبه الحاكم للسماح له بتغيير الدستور ومنحه ميزات وسلطات تنفيذية قوية، ويؤكد المتابع للشأن التركي ان الساحة الانتخابية التركية أشبه بخلية نحل بخاصة بعد أن أعلن الحزب الحاكم تمرير مشروع تعديل الدستور عبر البرلمان الجديد يتم بموجبه تحويل نظام الحكم في البلاد من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي وهو المشروع الذي ترفضه أحزاب المعارضة التي تسعى الى تأمين الثلث المعطل للمشروع على الأقل،

والجديد في هذه الانتخابات هي مشاركة حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للاكراد للمرة الأولى بصفته حزباً سياسياً في الانتخابات الذي يأمل بأن يتخطى الـ١٠ في المئة اللازمة للتمثيل داخل البرلمان، وبحصول على عدد كبير من الاصوات سيعرقل طموحات اردوغان الذي بدأ بالعنف ضد الاكراد لإرهابهم،

حيث قالت مصادر امنية ان الشرطة التركية اعتقلت العشرات من جنوب شرقي تركيا التي تقطنها الغالبية الكردية في ٢ حزيران من العام الجاري تلك العملية التي وصفها سياسيون مؤيدون للأكراد بأنها عملية استفزازية لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل هاجساً لأردوغان لتزايد شعبيته على حساب حزب «العدالة والتنمية»>

وحسب استطلاعات الرأي الأخيرة فإن هناك احتمالاً كبيراً بأن يتجاوز حزب الشعوب الديمقراطي ١٠ في المئة في هذه الانتخابات ويفوز بعدد من المقاعد يتراوح بين ٥٠ و٥٥ مقعداً ومن المرجح ان يأتي فوز حزب الشعوب الديمقراطي على حساب حزب العدالة والتنمية،

فالمقاعد التي يسيطر عليها الحزب الحاكم في المنطقة الجنوبية الشرقية من المرجح ان تذهب الى الحزب الكردي مما يؤثر سلباً على السيطرة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» وهذا ما أكده تقرير صادر عن صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية.

فجنون أردوغان أدخله مرحلة مواجهة معارضيه جعلته يقذفهم بتهم الإرهاب، وقمع الاعلام والصحافة وآخر حماقات أردوغان بدء العنف ضد الاكراد الذين باتت فرصة الفوز واحتمال تخطي حاجز الـ ١٠ في المئة كبيرة بعد وحدتهم وراء حزب الشعوب الديمقراطي.

ففي ظل تراجع ثقة الناخب التركي في قدرة حزب «العدالة والتنمية» على الحكم وتزايد الثقة في كفاءة وقدرة احزاب المعارضة على حل مشاكل تركية تشير التوقعات الى ان احزاب المعارضة قد تزيد من اسهمها الجماعية من الأصوات مما يجعل من الصعب على حزب أردوغان ضمان الحصول على ٣٣٠ مقعداً ولا يمكنه تشكيل الحكومة وحده،

فسيضطر الى الدخول في ائتلاف حكومي مع اليمين المتطرف الحركة القومية كما فعل نتنياهو، وحسب استطلاعات الرأي فإن حوالى ٧٠ في المئة من الناخبين يرفضون أي حكومة ائتلافية التي تعني للمواطن التركي الفشل والفساد والنهب والازمات السياسية والاقتصادية التي لا تنتهي.

فمع الخسارة المتوقعة لأردوغان سيبدأ العد التنازلي لضمور الزعامة التي لن يتقبلها أردوغان لذلك سيدعو الى اجراء انتخابات برلمانية مبكرة بعد عام وهذا ما كشفته صحيفة يورت التركية في ٣ حزيران، هذه الانتخابات المبكرة التي سيطالب بها اردوغان ستؤدي الى تفكك البنية السياسية التركية ودخولها في فوضى عارمة.

تخبط اردوغان وجنونه بعد نتائج استطلاعات الرأي دفعته للتصريح عن اجراء انتخابات مبكرة ودفعته لارتكاب جولة من الإرهاب ضد الأكراد، هذا الإرهاب الذي ربما سيؤدي الى اندلاع الشرارة قبل الانتخابات لتصبح حرباً، فالانتخابات البرلمانية ستكون نتيجتها فوز الاكراد وخسارة اردوغان او خسارة الاكراد وهزيمة اردوغان كلياً بالفوضى الأمنية نتيجة سياسته الجنونية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]